البحث الثامن
في الآجال
الأجل الوقت والوقت هو الحادث الذي جعل علما لحدوث غيره ، وأجل الحيوان هو الوقت الذي علم الله تعالى أنه يبطل فيه ، واختلفوا في المقتول :
فقال ابو الهذيل : إنه لو لم يقتل كان يموت قطعا ، وهو منقول عن المجبرة ، وقال البغداديون : إنه كان يعيش قطعا.
وذهب البصريون الى أنه يجوز الأمران (١).
احتج أبو الهذيل : بأنه لو جاز أن يعيش لكان القاتل قد قطع أجله ، بمعنى قتله قبل الوقت الذي علم الله فيه أنه يموت ، والتالي باطل لأن خلاف معلوم الله تعالى ممتنع فالمقدم مثله.
وهذا عندي ضعيف ، لأن قطع الأجل إنما يكون لو علم الله تعالى بقاء حياته ، أما مع علمه بالقتل فلا نسلم أنه يكون قاطعا للأجل.
لا يقال : إنه قد قتله قبل الوقت الذي علم أنه يعيش إليه وذلك الوقت هو الأجل.
لأنا نقول : إنه أجل تقديري لا مطلقا بل على تقدير عدم القتل.
واحتج القاطعون بالحياة بأن الإنسان قد يقتل جماعة كثيرة يعلم بمجرى العادة عدم موتهم في وقت واحد ، ولأن القاتل حينئذ لا يكون ظالما لأنه يحصل ما
__________________
(١) واختاره السيد المرتضى وقال بعد نقله الاقوال التي جاءت في المتن : وذهب المحققون منهم ـ وهو الصحيح ـ على انه لو لم يقتل لكان يجوز ان يبقى ويجوز ان يموت ولا دليل على احد الامرين وفرضنا الشك (شرح جمل العلم والعمل ص ٢٤٤).