المدفوع إن كان من فعله وهو قادر على ان لا يفعل من دون هذا الضرر لم يحسن منه (١) ، ولأن ابتداء الضرر بالصبي يكون ظلما فلو آلمه لأجل دفع الضرر لصار التقدير أنه ظلمه لأنه يدفع ظلمه ، وإن كان من غير فعله فهو تعالى قادر على منع الظالم من الظلم من دون هذا الضرر.
لا يقال : لم لا يمرض الطفل ليصير لطفا للظالم فيمتنع من ظلمه بالإيلام؟.
لأنا نقول : لا يحسن ضرر الطفل لنفع الغير ، أما المكلف فإن كان مستحقا للعقاب جاز لله تعالى أن يولمه معاقبة كمرض الكافر ، ومنع منه قاضي القضاة وقال : المرض محنة في حقه لا عقوبة ولا يجوز أن يولمه لدفع الضرر عنه كما قلنا أولا.
قيل : ولا يجوز أن يولمه ليسقط عنه بعض عقابه ، لأن عقابه المستحق لا يصير مستوفى بتعجيل ذلك القدر ، فلو أراد سقوط الباقي لأسقطه بالعفو.
فأما القصد الى أن يسقط ذلك من دون عفو بل بتعجيل ذلك البعض لم يصح ، لأنه يقصد الى أن يسقط ما سقوطه متفضل به من دون أن يكون متفضلا وذلك قصد فاسد.
وعندي في هذا توقف ، وان لم يكن مستحقا للعقاب لم يحسن منه الإيلام الا للنفع ، وذلك النفع تارة يكون عوضا ، وتارة يكون لطفا للمتألم ، وتارة يكون هما معا.
تذنيب : قال ابو علي : الألم الصادر عنه تعالى إذا لم يكن عقابا يكون حسنا للعوض فقط سواء كان لطفا أو لم يكن.
وقال أبو هاشم : جهة حسنه العوض ، وكونه لطفا اما للمتألم او لغيره ، وقال آخرون : كونه لطفا كاف الحسن إن كان للمتألم.
__________________
(١) ج : منه فعله.