وجه الوجوب غير كاف في الوجوب ما لم ينتف وجوه (١) القبح فلم لا يجوز وجود وجه من وجوه القبح فيه؟.
لأنا نقول : اللطف يتوقف عليه الفعل ، لأن الفعل لا يقع الا بالداعي ، والداعي متوقف عليه ، ويفارق القدرة بأن القدرة يتوقف عليها إمكان الفعل لا نفسه وأما وجه القبح فهي محصورة لأنا كلفنا لمعرفتنا لاجتنابها وليست بأسرها ثابتة.
احتج المخالف بوجوه :
الأول : لو وجب اللطف لوجب أن يفعل في كل مكلف من الألطاف ما يقع الإيمان والطاعة وذلك يقتضي عدم الكفر والعصيان.
الثاني : أن اللطف ان لم يقتضي رجحان الفعل فلا فائدة فيه.
[وان اقتضى رجحانا غير مانع من النقيض فكذلك لجواز وجود الطرف المرجوح فلا أولوية] (٢).
وإن اقتضى رجحانا مانعا كان وجوبا فلا يكون التكليف ممكنا.
الثالث : ان أبا لهب لم يقع منه الإيمان ، فإما أن يكون لعدم اللطف في حقه وذلك إخلال منه تعالى بالواجب ، وإما أن يكون مع وجود اللطف وذلك باطل لأن اللطف هو الذي يحصل معه الطاعة.
الرابع : أن الحاكم هو الله تعالى فلا يجب عليه شيء لأنه لا حاكم فوقه.
الخامس : أن الداعية المقربة ممكنة لله تعالى فجاز خلقها ابتداء من دون الفعل الذي هو اللطف.
والجواب عن الأول ، أن اللطف ليس لطفا بذاته بحيث يتساوى مقتضاه ، بل اللطف إنما يكون لطفا لقرائن يقترن به من أحوال المكلف وغيرها ، وإن كان مائلا
__________________
(١) ب : وجه.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط في : الف وج.