وخالف الأشعرية في ذلك ، ولهم اعتراضات ومعارضات (١).
منها : أن هذا مبني على الحسن والقبح وقد سلف.
ومنها : أن الإغراء غير لازم ، لأن العاقل يعلم أن العقلاء يمدحون على فعل الحسن ويذمون على فعل القبيح ، فكان هذان العلمان باعثين للمكلف على فعل الواجب وترك القبيح وإن لم يحصل التكليف.
ومنها : أن التكليف إن توقف على العلم بالقبح والوجوب مع أنه لا يحصل الا بالتكليف لزم الدور ، وإن لم يتوقف مع أن (٢) العلم بهما من جملة كمال العقل لزم تكليف من ليس بعاقل.
ومنها : أن التكليف لا بدّ فيه من معرفة المكلف وإلا فكيف يعرف أنه مكلف ، ومعرفة المكلف لا بد لها من زمان من جملة زمان كمال العقل ، ففي ذلك الزمان لا يكون مكلفا مع أنه مائل الى القبيح ونافر عن الواجب ، فكما جاز في وقت جاز في كل وقت.
والجواب عن الأول ، أنه قد مضى البحث في إثبات الحسن والقبح.
وعن الثاني ، أن أكثر العقلاء يستسهلون الذم ويستحقرون المدح في قضاء أوطارهم ، فلا بد من باعث آخر هو التكليف.
وعن الثالث ، المنع من أن العلم بالقبح والوجوب لا يحصل الا بالتكليف.
وعن الرابع ، أن المراد من التكليف هو البعث على ما يشق ، والعالم بقبح القبيح ووجوب الواجب قبل علمه بالمكلف وجد له باعث وهو نفس العلم وقد قيل هاهنا أنه غير مكلف.
مسألة : لا يختص وجوب التكليف بالمؤمن دون الكافر ، من حيث إنه بعث
__________________
(١) انظر : الجرجاني ، شرح المواقف ج ٨ ص ٢٠٥ فبعد.
(٢) ب : كلمة «ان» ساقطة.