لا يقال : فيكون العبد متمكنا من أن يجعل علم الله تعالى غير علم على تقدير وقوع مخالف العلم منه.
لأنا نقول : ينتقض ما ذكرتم (١) في حقه تعالى ، فإنه عالم بأحد طرفي الفعل مع قدرته على الآخر.
وطريق الجواب فيهما أن فرض عدم الطرف المعلوم مع وصف (٢) العلم ملزوم للمحال ، لأنه يتنزل منزلة وضع عدم الطرف مع الحكم بإمكان وجوده.
والترجيح لا يخرج المكلف عن القدرة كما أسلفناه ، والتكليف جاز أن يقع حالة وقوع الفعل أو قبله لا على تقدير أن يوجد الفعل موجودا أو معدوما ، والفائدة تقع لمكلف ويستحيل وجودها من دون التكليف ، والفرق بين التكليف وإلقاء في البحر ظاهر ، لأن الإلقاء ضرر عظيم يضطر معه الى الخروج وما يضطر إليه الغير ففعله لا تأثير له في استحقاق التعظيم والثواب.
أما التكليف فإنه طلب لمكارم الأخلاق التي يستحق بها المدح والتعظيم وليس إلجاء الى الفعل ، وفارق الثواب الاجرة لأنّها يسيرة مستحقرة بالنسبة الى الثواب المقارن للتعظيم والإجلال فتوقف الاجرة على المرضاة بخلافه.
مسألة : التكليف واجب وإلا لزم إغراء الله تعالى بالقبيح والتالي باطل لقبحه فالمقدم مثله.
بيان الشرطية أن الله تعالى خلق المكلف وجعل له ميلا الى القبيح ونفورا عن الحسن ، فلو لم يكلّفه بأن يقرر في عقله وجوب الواجب وقبح القبيح والا لزم الإغراء.
__________________
(١) ج : ما ذكرتموه.
(٢) ب : وضع.