له على تحصيل الثواب وعدم اختياره للنفع لا يوجب قبحه ، ولأن الغرض بالتكليف هو أن يتمكن به المكلف من الوصول الى استحقاق الثواب ، وهذا قد حصل في الحال فانه متمكن ، ووصول الثواب غرض آخر لكنه مشروط باكتسابه وليس بغرض كلي في الحال.
والبغداديون قالوا : تكليف الكافر فيه مصلحة المؤمن (١).
لا يقال : كيف يحسن نفع الغير بضرر آخر.
لأنا نقول : ليس تكليف الكافر ضررا له بل الضرر حصل من قبله ، فإذن لا عبث في تكليفه.
قال بعض الأشعرية الزاما على المعتزلة : لو مات الصبي قبل بلوغه وقال : يا الله لم لا كلفتني فاصل الى ثواب المؤمن ، لكان الجواب : لأني لو كلفتك لكفرت فلما علمت هذا امتك قبل التكليف.
فيقول الكافر : يا الله لم لا أمتّني كالطفل؟ فتنقطع حجة الله (٢).
وهذا غير صحيح ، بل جواب الطفل أن يقال : تكليفك كان فيه مفسدة
__________________
(١) انظر : القاضي عبد الجبار ، شرح الاصول الخمسة ص ٥١١ فبعد.
(٢) هذه المسألة من المسائل العويصة التي دارت بين ابي الحسن الاشعري واستاذه ابي علي الجبائي المعتزلي ، والتي أدت الى انفصال الاشعري من المعتزلة ، وصورة المسألة هكذا بالتلخيص :
قال الاشعري لابي علي الجبائي : ما تقول في ثلاثة اخوة عاش احدهم في الطاعة وأحدهم في المعصية ومات احدهم صغيرا؟ فقال : يثاب الاول بالجنة ويعاقب الثاني بالنار والثالث لا يعاقب ولا يثاب. قال الاشعري : فإن قال الثالث : يا رب لو عمرتني فاصلح وادخل الجنة كما دخلها أخي المؤمن؟ قال الجبائي : يقول الرب : كنت اعلم انك لو عمرت لفسقت وافسدت فدخلت النار. قال : فيقول الثاني : يا رب لم لم تمتني صغيرا لئلا اذنب كما أمتّ أخي؟ فبهت الجبائي ، فترك الاشعري مذهبه ، وكان هذا اوّل ما خالف فيه الاشعري المعتزلة (انظر : ابن خلكان ، وفيات الاعيان ج ٣ ص ٣٩٨).