واما السادس ، فلا نسلم أن لن للنفي المؤبد ، ويدل عليه قوله : (لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً) (١) ، مع انهم يتمنون الموت في الآخرة.
واما الأخيران فضعفهما ظاهر.
ثم استدلوا على مطلوبهم بوجوه :
الأول : أن الجوهر والعرض اشتركا في صحة الرؤية فلا بد لها من علة ، لأن المعدومات لا تصح رؤيتها ، وتلك العلة لا بد وأن يكون مشتركة ، لأن المختلفات لا تكون عللا للمتساوية (٢) ولا مشترك بين الجوهر والعرض إلا الحدوث ، والوجود والحدوث لا يصلح للتعليل ، لأنه عبارة عن الوجود بعد العدم ، فللعدم مدخل في ماهيته فلا تصلح عليّته للصحة الوجودية ، وإذا كان الوجود علة وهو مشترك فكل موجود كذلك.
الثاني : أن الممكن إذا اتصف بالعدم استحالت رؤيته وإذا اتصف بالوجود صحت ، ودوران الشيء مع غيره دليل على أن المدار علة للدائر ، ولا يجوز أن يكون لغير الوجود مدخل في التعليل ، لأن كلا منهما إن استقل بالتعليل اجتمع على الأثر علّتان هذا خلف ، والا فعند الاجتماع حصل الاستقلال المفقود عند الانفراد فيكون الكلام في حصول الاستقلال كالكلام في الأثر.
الثالث : أن موسى عليهالسلام سئل الرؤية ولو امتنعت لما سألها ، والجهل عليه ممتنع.
الرابع : أنه علق الرؤية على استقرار الجبل الممكن فيكون ممكنة.
الخامس : قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٣) ، والنظر
__________________
(١) البقرة : ٩٥.
(٢) ب : للمساوية.
(٣) القيامة : ٢٣.