لا يراه غيره بالإجماع.
السابع : أنه تعالى قد أنكر على سائل الرؤية استعظاما لسؤالهم في قوله : (لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً) (١) ، وقوله : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) (٢) ، وقوله : (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ) (٣) ، ولو كانت الرؤية جائزة لما توجه عليهم العتب به.
الثامن : قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) (٤) ، وأشار بالحجاب الى معناه المجازي ، فإنه تعالى شبّه نفسه من حيث أنه يسمع خطابه من غير رؤية لم يخاطب وراء الحجاب.
واعترض الأشاعرة على هذه الوجوه.
أما الأول ، فقد نازعوا في ضرورية ما ادعاه المعتزلة.
وأما الثاني ، فبالمنع من حصول الإدراك عند حصول شرائطه.
وأما الثالث والرابع ، فمبناهما على حصول القياس الضعيف.
واما الخامس ، فلأن الإدراك عبارة عن الوصول واللحوق وهذا إنما يعقل في المتحيزات ، ولأنه يجوز أن يكون المراد بالإدراك المعرفة وبالإبصار العقل ، وهذا وإن كان مجازا لكن المصير إليه أولى لما فيه من الجمع بين الأدلّة ، ولأن قوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) سالبة جزئية لأنها نقيض الموجبة الكلّية ، فإن دخول الألف واللام على الجمع يفيد الاستغراق ، ولأن المدرك ليس هو الابصار بل هو المبصرين ، ولو سلم فلا نسلم أنه تمدح بنفي الرؤية ، واي مدح في ذلك مع أن المعدوم كذلك ، نعم المدح إنما يكون بالمنع من الرؤية مع أنها ممكنة.
__________________
(١) الفرقان : ٢١.
(٢) النساء : ١٥٣.
(٣) النساء : ١٥٣.
(٤) الشورى : ٥١.