المقرون بحرف الى يفيد الرؤية أو تقليب الحدقة نحو المطلوب التماسا لرؤيته ، فإن كان المقصود هو الأول فهو المطلوب ، وإن كان الثاني وجب صرفه الى المجاز لاستحالة الجهة عليه ، وأقرب جهاته الرؤية لأن إطلاق اسم السبب على المسبب أولى المجازات.
السادس : روي عنه صلىاللهعليهوآله أنه قال : «إنكم لترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته (١)».
والجواب عن الأول ، أنه إنكار الضرورة فلا يسمع.
وعن الثاني ، أنا قد بينا وجوبه. قوله : الإدراك هو الوصول ، باطل بقولنا : أدركت الشمس والنار ، وحمل الإبصار والإدراك على ما ذكر مجاز مع مساعدة العقل على خلافه. قوله : لا تدركه الأبصار سالبة جزئية ، قلنا : باطل لأنه نقيض قولنا تدركه الأبصار وهي موجبة جزئية ، ولأنه يصح استثناء كل بصر وهو يدل على العموم كما في استدلالهم في النقيض وسلب الإدراك عن الأبصار ، هو سلب عن المبصر.
والمنع من التمدح باطل لما بينا ، فان قول القائل : زيد عالم آكل كريم ، قبيح عند العقلاء ، والفرق بينه وبين المعدوم ظاهر ، فإن المعدوم لا تصح رؤيته لا لكونه كاملا في نفسه ، أما واجب الوجود فلأنه لكماله يستحيل رؤيته فافترق الحال.
وقوله : المدح انما يكون بالنفي مع الإمكان ضعيف ، لأن امكان الرؤية يستلزم إمكان الإحاطة التامة بالمرئي وهو نقص في اكمل الموجودات.
وأما المنع من التأييد في «لن» فهو طعن في النقل مع وجوده ، فإن اهل اللغة نصوا على ذلك. وقوله : (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً) لا ينافي ذلك ، فإن المجاز قد يستعمل ،
__________________
(١) اخرج الحديث البخاري في صحيحه ج ١ ص ٢٣٠ كتاب مواقيت الصلاة ، وأيضا المتقي الهندي في : كنز العمال ج ١٤ ص ٤٤٧.