متماثلان فعلمنا أن الواحد لا ينفي المختلفين غير المتضادين ، وبيان بطلان التالي إنه يلزم منه إما قدم علمنا أو حدوث علمه تعالى وهما محالان.
الثامن : واجب الوجود يعلم ما لا يتناهى ويقدر على ما لا يتناهى فيلزم أن يكون فيه علوم وقدر لا يتناهى ، ووجود ما لا يتناهى محال ، ولأن العلم بالعلم يقتضي ثبوت علم آخر ويتسلسل.
التاسع : لو كان الله تعالى قادرا بالقدرة لما كان قادرا على خلق الأجسام ، والتالي باطل والمقدم مثله ، بيان الشرطية إنا غير قادرين عليها ولا علة لذلك إلا كوننا قادرين بالقدر فوجب مساواته تعالى لنا.
أمّا المقدمة الأولى : فلأنا لو قدرنا عليها لكان إما أن يكون على سبيل الاختراع أو التولد ، والأول باطل بالضرورة ، فإنا نعلم أنا غير قادرين على وجود الأجسام وإلا لصح منّا اختراعها في أوعية مشدودة الرءوس عند حصول الداعي.
والثاني (١) باطل ، لأن السبب المولد لا بد وأن يختص بجهة وإلا لكان توليده للجسم في جهة دون غيرها ترجيحا من غير مرجح ، ولا سبب لذلك الا الاعتماد ، ونحن قادرون على أجناسه ، ومع ذلك يستحيل أن يقع الأجسام به وإلا لكنا إذا أدخلنا أيدينا في الزق المشدود واعتمدنا بأيدينا فيه ، نكون فاعلين للأجسام ، وهو باطل وإلا لزم أن يظهر ذلك في الزّق وان يمتلئ كامتلائه بالهواء.
لا يقال : لم لا يحصل مانع يمنع وجود (٢) الأجسام؟.
لأنا نقول : المانع لا يعقل إلّا وأن يكون له علاقة بالأجسام ، وذلك إما بأن يكون ضدا لها كالفناء أو بأن يكون مانعا لوجود الشرط كالماء المانع من وجود الحيّز ، والأول باطل وإلّا لزم فناء جميع الأجسام به ، والثاني كذلك لأنا متحركون قطعا ، فإما أن يقال بالخلاء وهو يدفع ما ذكرتم ، أو بالتخلخل والتكاثف فيجوز
__________________
(١) الف : والتالي
(٢) ج : من وجود.