الحقيقة.
فإنا إذا أردنا تمييز الله تعالى عن غيره لا يمكننا ذلك إلا بكونه قديما ، والصفات المميزة إذا اشتركت بين الشيئين كانا متساويين والا لم يكن مميزة.
الرابع : كونه قادرا عالما من الصفات الواجبة فلا يعلل ، أما المقدم فلأنه لو لا ذلك لجاز خروجه من كونه قادرا عالما الى عدمها وذلك محال ، وأما الشرطية فظاهرة.
الخامس : يلزم ثبوت قدماء كثيرة ، وذلك كفر بإجماع المسلمين (١).
السادس : لا دليل على هذه الصفات ، فيجب نفيها.
السابع : لو كان الباري (٢) عالما بالعلم لكان علمه مثل علمنا والتالي باطل فالمقدم مثله ، بيان الشرطية إنه إذا كان عالما بالعلم كان له تعلق بالمعلوم على الوجه الذي يتعلق به علمنا (٣) فيكون مماثلا له ، لانهما معنيان غير متضادين ينتفيان بضد واحد.
أما عدم تضادهما فظاهر ، وأما انتفائهما بضد واحد فلأنا لو قدرنا حلول علم الله تعالى في قلوبنا مع حلول علمنا بذلك المعلوم فينا ثم اطراء الجهل ، فلا شك في انتفاء علمنا.
فإن انتفى العلم القديم ثبت المطلوب ، وإلا لزم علمنا بشيء مع الجهل به هذا خلف ، واذا اتصف العلمان بهذه الصفات ثبت تماثلهما ، لأن السواد معنى لا ينفي البياض والحموضة ولا فرق بينهما الا أن البياض والحموضة مختلفان وأن البياضين
__________________
(١) قد نقلنا سابقا كلاما عن ابن كرامة المعتزلي يهجو فيه القول بالمعاني وقدم الصفات وانه موافق للمانوية في التثنية وللنصارى في التثليث وللطبائعية في قدم الطبائع الى آخره (رسالة ابليس الى اخوانه المناحيس ص ٣٠).
(٢) ب : تعالى.
(٣) ب : علمنا به.