وإنّي لأعلم من «صحيح البخاريّ» و «مسلم» ما لم يعلماه.
فقلت مستهزئا : فعلمك إذا إلهام. وهجرته.
قال : وكان سيّئ الاعتقاد ، ويعتقد من أحاديث الصّفات ظاهرها. بلغني أنّه قال في سوق باب الأزج (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) (١) فضرب على ساقه وقال :ساق كساقي هذه (٢).
وبلغني أنّه قال : أهل البدع يحتجّون بقوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٣) أي في الإلهيّة ، فأمّا في الصّورة فهو مثلي ومثلك (٤). قال الله تعالى : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) (٥) أي في الحرمة (٦).
وسألته يوما عن أحاديث الصّفات ، فقال : اختلف النّاس فيها ، فمنهم من تأوّلها ، ومنهم من أمسك ، ومنهم من اعتقد ظاهرها. ومذهبي آخر (٧) هذه الثّلاثة مذاهب.
وكان يفتي على مذهب داود بن عليّ ، فبلغني أنّه سئل عن وجوب الغسل على من جامع ولم ينزل ، قال : لا غسل عليه ، الآن فعلت ذلك بأمّ أبي بكر ، يعني ولده ، وكان بشع الصّورة ، زريّ اللّباس.
وقال ابن السّمعانيّ : حافظ مبرّز في صنعة الحديث ، داوديّ المذهب ، سمع الكثير ، ونسخ بخطّه إلى آخر عمره. وكان يسمع وينسخ.
وقال ابن ناصر : فيه تساهل في السّماع ، يتحدّث ولا يصغي ويقول :
__________________
(١) سورة القلم ، الآية ٤٢.
(٢) قال المؤلّف ـ رحمهالله ـ في (تذكرة الحفاظ) : هذه حكاية منقطعة ، وهذا قول الضلّال المجسّمة ، وما أعتقد أن بلغ العبدري هذا.
(٣) سورة الشورى ، الآية ١١.
(٤) قال المؤلّف ـ رحمهالله ـ في (تذكرة الحفاظ) : تعالى الله عن ذلك وتقدّس ، وهذا لا يتفوّه به مؤمن ، فإن الله تعالى لا مثل له أبدا.
(٥) سورة الأحزاب ، الآية ٣٢.
(٦) مختصر تاريخ دمشق ٢٢ / ١٧٣.
(٧) في سير أعلام النبلاء ١٩ / ٥٨٢ : «أحد» ، ومثله في : مختصر تاريخ دمشق ٢٢ / ١٨٣.