لمّا دفنوا أبا (١) عامر العبدريّ :
خلا لك الجوّ فبيضي واصفري (٢)
مات أبو عامر حافظ أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فمن شاء فليقل ما شاء.
وقال ابن عساكر : كان فقيها على مذهب داود ، وكان أحفظ شيخ لقيته (٣) ذكر أنّه دخل الشّام في حياة أبي القاسم بن أبي العلاء ، وسمعت أبا عامر وقد جرى ذكر مالك ، فقال : جلف جاف (٤) ، ضرب هشام بن عمّار بالدّرّة.
وقرأت عليه «الأموال» لأبي عبيد ، فقال ، وقد مرّ قول لأبي عبيد : ما كان إلّا حمارا مغفّلا (٥) لا يعرف الفقه.
وقيل لي عنه إنّه قال في إبراهيم النّخعيّ : أعور سوء. فاجتمعنا يوما عند ابن السّمرقنديّ في قراءة «الكامل» (٦) ، فنقل فيه قولا عن السّعديّ ، فقال : يكذب ابن عديّ ، إنّما هو قول إبراهيم الجوزجانيّ. فقلت له : فهو السّعديّ ، فإلى كم نحتمل منك سوء الأدب. تقول في إبراهيم النّخعيّ كذا ، وتقول في مالك كذا ، وفي أبي عبيد كذا؟! فغضب وأخذته الرّعدة وقال : كان ابن الخاضبة والبردانيّ وغيرهما يخافوني ، فآل الأمر إلى أن تقول فيّ هذا. قال له ابن السّمرقنديّ :هذا بذاك.
فقلت : إنّما نحترمك ما احترمت الأئمّة.
فقال : والله قد علمت من علم الحديث ما لم يعلمه غيري ممّن تقدّم ،
__________________
(١) في الأصل : «أبي».
(٢) الرجز في (فصل المقال شرح الأمثال ٣٦٤) لكليب بن ربيعة ، كان له حمى لا يقرب ، فباضت فيه قبّرة فأجارها ، وقال يخاطبها :
يا لك من قبّرة بمعمر |
|
خلا لك الجوّ فبيضي واصفري |
ونقّري ما شئت أن تنقّري |
وانظر : مجمع الأمثال للميداني ص ٢٣٩ ، ولسان العرب ١ / ٤١٧.
(٣) مختصر تاريخ دمشق ٢٢ / ١٧٢.
(٤) في الأصل : «حلف خلف».
(٥) في الأصل : «حمار مغفّل».
(٦) أي : الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ.