وآله وسلم) الّذي جاز لعمّار بن ياسر (رضي الله عنه) وغيره من المؤمنين لدفع القتل عن نفوسهم حتّى انزل الله عذره وعذر غيره في الكتاب بقوله عزوجل : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (١) وقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) (٢) وقوله تعالى في رجال ونساء من اهل مكة آمنوا اظهروا الكفر خوفا من اهاليهم فلم يكونوا معروفين بالايمان ولأجل ان لا يصيبهم ضرر من المسلمين وهم لا يعلمون بهم صار صلح الحديبية (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (٣) بل كان دفع الضّرر عنهم سببا لدفع القتل عن الكفار فمن هذا جاء الاختلاف بيننا وقد صحّ في الرواية عن امير المؤمنين (عليهالسلام) من الطريقين انه لما استشاره قضاته فقالوا بم نقضي بين النّاس؟ قال : (اقضوا كما كنتم تقضون حتّى يكون للناس جماعة) (٤) وهذا القول تصريح منه بان قضاءهم السّابق غير مرضيّ عنده ، ولو كان عنده مرضيّا لما علق الرخصة فيه الى غاية يمكن حصولها وتبيين منه بانّه لم يتمكن في تلك الحال من بيان الحق ، وحمل الناس عليه لعدم اذعانهم له بالطاعة التامة ، وعدم تسليمهم إليه المقادة واختلافهم عليه وعصيانهم أمره ، هذا وهو خليفة في النّاس فما ظنّك به في زمان تغلب من قبله وما ظنّك بالأئمة من ذريّته في حال تغلب الظلمة والطواغيت عليهم وعلى تابعيهم وما
__________________
(١) النحل : ١٠٦.
(٢) آل عمران : ٢٨.
(٣) الفتح : ٢٥.
(٤) رواه البخاري في صحيحه ٤ / ٢٠ في كتاب بدأ الخلق باب مناقب المهاجرين بلفظ «اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الاختلاف حتى يكون للناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي» وفي كتاب الغارات للثقفي ص ١٢٤ أنه (عليهالسلام) قال لشريح : «اقض بما كنت تقضي حتى يجتمع امر الناس».