عليه وآله وسلم) إرادة ما لم يرده الله وهو الذي يقول الله فيه : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١) ويقول فيه : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) (٢) ـ ويقول فيه : (قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي) (٣) وغير ذلك ولا ادري أما يريد بقوله ذلك أن يقول بالجبر في الأفعال أو انه لا يدري ما معنى الإرادة فيذهب الى ان كلما وقع فهو مراد الله فكفر أبي جهل عنده مراد الله ومخالف لإرادة رسوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، وكذلك كفر ابي لهب وان عدم اسلامه مراد الله ومخالف لمراد رسوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فخلافة ابي بكر وخلافته ارادها الله ولم يردها رسوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم)!! وها نحن نبين معنى الإرادة ونشرح مفهومها فنقول : للإرادة في الكتاب والسنة معان ثلاثة.
الأول الإرادة الأمرية الصادر عنها التكاليف فهي الأمر بالشيء من حيث المحبوبية وتقابلها الكراهة وهي النهي عن الشيء من حيث المبغوضية ، وعليها تدور الطاعة والمعصية والمخالفة والموافقة ، وعليها يترتب الثواب والعقاب ، ومن الإرادة بهذا المعنى قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (٤) وقوله تعالى : (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) (٥) وقوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) (٦) على احتمال هذه الإرادة مخالفتها ممكنة غير ممتنعة وضدها كذلك اذ لا جبر في التكليف على المكلفين ، والنبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لا يخالف هذه الإرادة ابدا لأن مخالفتها
__________________
(١) النجم : ٤.
(٢) الحاقة : ٤٥ و ٤٦.
(٣) الأعراف : ٢٠٣.
(٤) البقرة : ١٨٥.
(٥) النساء : ٢٧.
(٦) النساء : ٢٨.