مغلوبا مقهورا معطلة حدوده ، مضيعة احكامه ، فيكون غريبا في الناس لا يعرف لاستيلاء اهل الضلالة على ذوي الهدى ، وغلبة الظلمة المغيّرين لأحكام الشريعة الغراء ، والعاملين في الناس بالشهوات والأهواء فيغترب حينئذ الحجة الذي هو بقية حجج الله وخليفة خلائف انبيائه ، فلا يعرف بشخصه ولا يدرى اين موضعه ، وهذا الكلام كما ترى صريح في وجود هذا الرجل واستتاره في زمان دولة اهل الجور والفساد ، وانه حجة الله ، وخليفة الخلفاء وهو عين ما قلناه من انه ختام الأئمة ، فان بقية الحجج ، وخليفة الخلفاء اخرهم بلا خفاء.
واما ما ذكره ابن ابي الحديد عن الصوفية ان المراد به ولى الله ، فان كان مرادهم به الامام لأنه عندنا حجة الله ووليه على عباده لا ولي على العباد غيره فذلك قولنا ، وان ارادوا به غير الامام وهو القطب عندهم الذي تدور عليه الأوتاد والأبدال فذلك مما لا برهان عليه ولا دليل وهو من الخرافات التي احدثها الصوفية بآرائهم واهوائهم ، والحق ان القطب بالمعنى الذي ذكروه وهو الخليفة الذي نحن نعنيه لا قطب غيره ، فجعلهم اياه غيره من وساوس النفوس ، ولا يطلق لفظ الحجة في كلام امير المؤمنين على الصوفي الكبير الذي سموه قطبا حاش لله.
واما ما نقله عن اصحابه ان المراد به العلماء الذي يتم الاجماع (١) وان امير المؤمنين (عليهالسلام) يشير الى صفات كل واحد منهم ، فبعيد ظاهر الفساد ، اذ من اليقين انه لا يطلق لفظ الحجة والخليفة على غير الامام العام في كلام النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وعلي واولاده ، وعلى المدعي اثبات ذلك ، نعم ورد في كلامهم اطلاق لفظ العالم على الامام وهو عكس ما قاله المعتزلة كما ورد عنهم (لا تخلوا الأرض من عالم) ، و (لا تكون الا وفيها
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٠ / ٩٦ ونقله المؤلف (رحمهالله) ملخصا.