لقد أطال اليوم نجوى ابن عمه فبلغه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ذلك فجمع منهم قوما ثم قال : (ان قائلا قال لقد اطال اليوم نجوى ابن عمه ، اما اني ما انتجيته ولكن الله انتجاه) (١) فأنظر الى ما تضمنه هذا الفعل من الرفعة لعلي (عليهالسلام) وعلو المنزلة التي تقصر عن تناول ادناها يد المتناول ، أو ليس صريحا في ان عليا (عليهالسلام) هو المخصوص بالعناية الإلهية بعد النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) والمؤهل من الله تعالى : للفيوضات القدسية؟ أفليس في هذا اشارة بينة الى انه (عليهالسلام) هو التالي للنبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في الدرجة والمرشح من الله من بعده للرئاسة فهو الامام بعده والخليفة؟ ثم ان هذا الحديث كسابقة في الدلالة على ان بعض الصحابة يسؤهم ما كان يفعله النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بعلي (عليهالسلام) من التشريف والتفضيل ، وينكرون عليه ما يميزه به من التعظيم والتبجيل ، ويتهمونه في ذلك بانه لحجبه اياه وميله إليه لا لأمر الله اياه بذلك ولذا قال في جوابهم : (ما انتجيته ولكن الله انتجاه) والمراد ان الله امرني بنجواه وان الله لا ينتجى أحدا ولا يخلو بأحد واذا كانوا ينكرون على النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فعله وقوله في علي (عليهالسلام) وهو حي فهم الى انكار فعله به بعد وفاته اقرب ولمخالفة قوله فيه اذ ذاك اشد لزوال ما كانوا يحذرونه من عقوبته لقهره عليهم وقوته ويرشدك الى هذا ترك عمر واصحابه يوم السقيفة ذكر ما كان النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) خص به عليا (عليهالسلام) من هذا الفعل وشبهه مما هو معلوم عند كل الصحابة بل تركهم ذكر علي بالمرة واكثارهم من ذكر الغار والاحتجاج به لأبي بكر فمن كان هذا شأنهم لا يبعد منهم انكار النص على علي (عليهالسلام) اذ ليس ذلك الا كإنكارهم مناقبه ذلك اليوم وقد حصل منهم كما ترى فأين
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٩ / ١٧٣ عن مسند أحمد ورواه الترمذي ٢ / ٣٠٠ وفي كنز العمال ٦ / ٣٩٩ ان القائل هو ابو بكر (رضي الله عنه) وقال اخرجه الطبراني.