انّ الامام ليس بمعصوم وصدور الظّلم منه جائز فأي شيء على هذا اضيع من هذه الامامة؟ وأي ذليل وناقص أذل وانقص من هذا الامام الذي ينصب ويعزل في ساعة واحدة؟ وهل بمثله يعزّ الدّين وتقوى شوكة المسلمين ، أو ليس أنّه لا مخرج من هذا المحذور الذي يتضمّنه كلام المجيب إلا باشتراط العصمة في الامام او لا يدري انا لم نشترط العصمة في الامام الّا من جهة ما ذكره من تنافي الظّلم والامامة فما جعله ردّا علينا هو الدّليل لنا وهل زادنا به الا تقوية لو كان يشعر ، ولو انّ اعترافه بما اعترف به شيخه الرّازي من تركهم العمل بمقتضى الآية كما مر عليك من كلامه لكان اولى به وأليق بمذهبه ، والحمد لله على اظهار الحق لاهله.
التّاسع : قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (١) وجه الدّلالة انّه تعالى امر باطاعته على الاطلاق لانّه المالك للعباد والامر والنّهي ولا يأمر ولا ينهى الا بمقتضى حكمته ولا يسأل عما يفعل وعباده يسألون وامر بطاعة الرّسول على الاطلاق أيضا فعرفنا من ذلك انّ الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لا يأمر الّا بحقّ ولا ينهى الّا عن باطل فهو معصوم من الخطأ والزّلل بعصمة الله له وتثبيته ايّاه على نهج الصواب ، ولو لا ذلك لما اطلق وجوب اطاعته ثم اطلق الامر بطاعة اولي الأمر كما اطلقه في طاعة نفسه وطاعة رسوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ولم يقيده بقيد ولم يشترط فيه شرطا فعلمنا من ذلك أيضا انّ اولي الأمر معصومون من الخطأ مطهّرون من العصيان ملازمون للصواب ، لا يأمرون الّا بمعروف ولا ينهون الّا عن منكر ، اذ لا يجوز ان يأمر الله على الاطلاق بطاعة من يجوز منه الخطأ في الأحكام ومقارفة الذنوب العظام بل يجب في الحكمة ان يكون الأمر بالطاعة له مشروطا بموافقة طاعة الله وموافقة الحق لا مطلقا كما انا رأينا
__________________
(١) النساء : ٥٩.