حرمة لهم في الاسلام بالاجماع فكان معنى الآية أنّ من ظلم مسلما في ماله أو عرضه أو بدنه من المسلمين جاز للمظلوم ان يذكره بسوء ما صنعه ، وليس غصب مال مسلم أو شتمه مثلا أو ضربه بغير حق كفرا وقد سمّاه الله ظلما ، وقوله تعالى : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً) الآية. (١) واذا كان المقتول مظلوما فالقاتل ظالم البتّة وليس القتل بكفر وقد سمّاه الله ظلما وقوله تعالى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً) ـ الى قوله ـ (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) (٢) فسمى القتال في الاشهر الحرم ظلما وهو ليس بكفر وقوله عزوجل : (قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) (٣) فجعل حرمان الفقراء والمساكين من حصتهم وهو حقهم عند صرام اصحاب الجنّة جنّتهم ظلما وهو ليس بكفر الى غير ذلك من الآيات الّتي يطول تعدّدها ، فحينئذ وجب في الامام العصمة من جميع الذّنوب الّتي يصدق عليها اسم الظلم والكفر وغيره من المعاصي من أوّل عمره الى آخره لئلا يكون اسم الظّلم جاريا عليه في بعض احواله واطواره فيخرج عن استحقاق الامامة الّتي هي عهد الله ويسقط حظه عن نيلها لاشتراط كون الامام غير ظالم في صريح الآية ، فالآية المذكورة ـ ولله الحمد ـ صريحة في وجوب عصمة الامام غاية الصراحة لا تقبل التأويل وقد اعترف الفخر الرّازي وهو من اعاظم المخالفين بدلالتها على ذلك في تفسيره وصرح بانّهم تركوا العمل بمضمونها على عمد قال : «امّا الشيعة فانّهم يستدلون بها على صحة قولهم في وجوب العصمة ظاهرا وباطنا ، وامّا نحن فنقول مقتضى الآية ذلك الّا انا تركنا الباطن فتبقى العدالة معتبرة» (٤) انتهى فانظر لكلامه وتصريحه بمخالفتهم مقتضى الآية من
__________________
(١) الاسراء : ٣٣.
(٢) التوبة : ٣٦.
(٣) القلم : ٢٩.
(٤) انظر تفسير الرازي ٤ / ٤٢.