إليهم ، ونتوكل عليهم. وهم أربابنا وآلهتنا ، ووسائلنا وشفعاؤنا عند الله ، وهو رب الأرباب ، وإله الآلهة ، رب كل شيء ومليكه.
فالواجب علينا أن نطهر نفوسنا عن دنس الشهوات الطبيعية ، ونهذب أخلاقنا عن علائق القوى الشهوانية والغضبية ، حتى تحصل مناسبة ما بيننا وبين الروحانيات ، فحينئذ نسأل حاجاتنا منهم ، ونعرض أحوالنا عليهم ، ونصبو في جميع أمورنا إليهم ، فيشفعون لنا إلى خالقنا وخالقهم ، ورازقنا ورازقهم. وهذا التطهير والتهذيب ليس يحصل إلا باكتسابنا ورياضتنا ، وفطامنا أنفسنا عن دنيّات الشهوات باستمداد من جهة الروحانيات. والاستمداد هو التضرع والابتهال بالدعوات ، وإقامة الصلوات ، وبذل الزكوات ، والصيام عن المطعومات والمشروبات ، وتقريب القرابين والذبائح ، وتبخير البخورات ، وتعزيم العزائم. فيحصل لنفوسنا استعداد واستمداد من غير واسطة ، بل يكون حكمنا وحكم من يدّعي الوحي على وتيرة واحدة.
قالوا : والأنبياء أمثالنا في النوع ، وأشكالنا في الصورة ، يشاركوننا في المادة ، يأكلون مما نأكل ، ويشربون مما نشرب ، ويساهموننا في الصورة. أناس بشر مثلنا ، فمن أين لنا طاعتهم؟ وبأية مزية لهم لزمت متابعتهم؟ (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) (١) مقالتهم.
* * *
__________________
ـ المذاهب الفلسفية والدينية ، اليونانية والشرقية المختلفة. وهي معاصرة لمجموعة أخرى من الكتابات تسمى «الوحي الكلداني» وبينهما عناصر كونية مشتركة عديدة.
وقد بقيت لنا في مجموعة «الكتابات الهرمسية» ١٧ رسالة عنوان الأولى منها هوpoimandres راعي الناس. وقد امتد هذا العنوان إلى مجموعة هذه الرسائل كلها بسبب خطأ وقع فيه مرسليو فتشيينو الذي ترجمها في سنة ١٤٧١.
ومن بين الكتابات الهرمسية أيضا رسالة موجزة بعنوان «لوح الزمرد» tabula smaragdina بقيت لنا منها ترجمة عربية ولاتينية. (انظر موسوعة الفلسفة ٢ : ٥٣٨).
(١) سورة المؤمنون : الآية ٣٤.