والتقسيم الضابط أن نقول :
١ ـ من الناس من لا يقول بمحسوس ولا معقول ، وهم السوفسطائية (١).
٢ ـ ومنهم من يقول بالمحسوس ، ولا يقول بالمعقول ، وهم الطبيعية.
٣ ـ ومنهم من يقول بالمحسوس والمعقول ، ولا يقول بحدود ، وأحكام ؛ وهم الفلاسفة الدهرية.
٤ ـ ومنهم من يقول بالمحسوس ، والمعقول ، والحدود ، والأحكام. ولا يقول بالشريعة والإسلام ، وهم الصابئة.
٥ ـ ومنهم من يقول بهذه كلها ، وبشريعة ما ، وإسلام. ولا يقول بشريعة نبينا محمدصلىاللهعليهوسلم ، وهم المجوس ، واليهود ، والنصارى.
٦ ـ ومنهم من يقول بهذه كلها ، وهم المسلمون.
* * *
ونحن قد فرغنا عمن يقول بالشرائع والأديان. فنتكلم الآن فيمن لا يقول بها ، ويستبد برأيه وهواه ، في مقابلتهم.
الفصل الأول
الصابئة والحنفاء
قد ذكرنا فيما تقدم أن الصبوة في مقابلة الحنيفية (٢) : وفي اللغة : صبأ الرجل : إذا مال وزاغ ، فبحكم ميل هؤلاء عن سنن الحق ، وزيغهم عن نهج الأنبياء ، قيل لهم الصابئة.
__________________
(١) السوفسطائية : وهي نزعة تنكر قيمة التفكير البشري وتجعل القيمة للأساليب الخطابية بعكس النزعة الماورائية التي تعنى بالرياضيات والعلوم الفلكية والطبيعية.
(٢) الحنيفيّة : وجماعتها من المفكرين الموحدين أبوا أن يقبلوا اليهودية والنصرانية كما هما ، واكتفوا بعبادة الله لا شريك له مع اتباع عادات قومهم ، واتخذوا لهم إماما هو إبراهيم الخليل كليم الله ، وكانوا يكثرون من الأسفار إلى ديار النصرانية والاتصال بعلمائها «وقد جعلوا وجهة أكثرهم أعالي الحجاز وبلاد الشام ، وأعالي العراق ، أي المواضع التي كانت غالبية أهلها على النصرانية يومئذ ، وجعلوا أكثر كلامهم وسؤالهم مع الرهبان». (انظر تاريخ العرب قبل الإسلام ٥ : ٣٩٩).