٢ ـ معتقداتهم
ومن العرب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، وينتظر النبوة. وكانت لهم سنن وشرائع قد ذكرناها لأنها نوع تحصيل.
فممن كان يعرف النور الظاهر ، والنسب الطاهر ، ويعتقد الدين الحنيفيّ وينتظر المقدم النبوي : زيد (١) بن عمرو بن نفيل ، كان يسند ظهره إلى الكعبة ويقول : أيها الناس هلموا إليّ فإنه لم يبق على دين إبراهيم أحد غيري. وسمع أمية (٢) بن أبي الصلت يوما ينشد :
كلّ دين يوم القيامة عند |
|
الله إلّا دين الحنيفة زور |
فقال له : صدقت. وقال زيد أيضا :
فلن تكون لنفس منك واقية |
|
يوم الحساب إذا ما يجمع البشر |
وممن كان يعتقد التوحيد ويؤمن بيوم الحساب قس (٣) بن ساعدة الإيادي ، قال في مواعظه : كلا ورب الكعبة : ليعودنّ ما باد ، ولئن ذهب ليعودن يوما. وقال أيضا :
كلّا بل هو الله إله واحد |
|
ليس بمولود ولا والد |
أعاد (٤) وأبدى |
|
وإليه المآب غدا |
__________________
(١) زيد بن عمرو بن نفيل : هو أحد حكماء الجاهلية وابن عم عمر بن الخطاب لم يدرك الإسلام وكان يكره عبادة الأوثان ووأد البنات. رآه النبي صلىاللهعليهوسلم قبل النبوة وسئل عنه بعدها فقال : يبعث يوم القيامة أمة وحده. توفي قبل مبعث النبي صلىاللهعليهوسلم بخمس سنوات وذلك ١٧ ق. ه / ٦٠٦ م. (طبقات ابن سعد وخزانة البغدادي ٣ : ٩٩).
(٢) أمية بن أبي الصلت : هو شاعر جاهلي حكيم من أهل الطائف. قدم دمشق قبل الإسلام وكان مطلعا على الكتب القديمة يلبس المسوح تعبدا. وهو ممن حرموا الخمر على أنفسهم ونبذوا عبادة الأوثان في الجاهلية. متوفى سنة ٥ ه / ٦٢٦ م. (خزانة البغدادي ١ : ١١٩ والشعر والشعراء).
(٣) قس بن ساعدة الإيادي : هو أحد حكماء العرب ومن كبار خطبائها في الجاهلية. كان أسقف نجران ، ويعد من المعمرين ، وقد طالت حياته وأدركه النبي صلىاللهعليهوسلم قبل النبوة في عكاظ ، وسئل عنه بعد ذلك فقال : يحشر أمة وحده. متوفى نحو ٢٣ ق. ه / ٦٠٠ م. (البيان والتبيين ١ : ٢٧ وخزانة البغدادي ١ : ٢٦٧).
(٤) هذا البيت مكسور ، ولعلّ صوابه : أعاد الخلق وأبدى.