فإن القوى تنقسم إلى : قوى معدنية ، وقوى نباتية ، وقوى حيوانية ، وقوى إنسانية ، وقوى ملكية ، وقوى روحانية ، وقوى نبوية ربانية. والإنسان مجمع القوى بجملتها ، والإنسانية النبوية تفضلها بقوى ربانية ، ومعان إلهية.
فنذكر أولا ، وجه تركيب الإنسان ، ووجه ترتيب القوى فيه. ثم نذكر تركيب البشرية النبوية ، وترتيب القوى فيها ، ثم نخاير بين الوضعين : الروحاني منهما ، والجسماني ، وإليك الاختيار.
أما شخص الإنسان فمركب من الأركان الأربعة : التراب ، والماء ، والهواء ، والنار ، التي لها الطبائع الأربعة : اليبوسة ، والرطوبة ، والحرارة ، والبرودة. ثم مركب فيه نفوس ثلاث (١) ، إحداها : نفس نباتية تنمو وتتغذى وتولد المثل. والثانية : نفس حيوانية تحس ، وتتحرك بالإرادة. والثالثة : نفس إنسانية بها يميز ، ويفكر ، ويعبر عما يفكر.
ووجود النفس الأولى من الأركان وطبائعها ، وبقاؤها بها واستمدادها منها. ووجود النفس الثانية من الأفلاك وحركاتها ، وبقاؤها بها ، واستمدادها منها. ووجود النفس الثالثة من العقول البحتة والروحانيات الصرفة ، وبقاؤها بها ، واستمدادها منها.
ثم إن النباتية تطلب الغذاء طبعا ، والحيوانية تطلب الغذاء حسا ، والإنسانية تطلب الغذاء اختيارا وعقلا. ولكل نفس منها محل.
فمحل النباتية الكبد ، ومنه مبدأ النمو والنشوء ، وعن هذا جعل فيه عروق دقاق ينفذ فيها الغذاء إلى الأطراف.
__________________
(١) النفس كجنس واحد ينقسم إلى ثلاثة أقسام : النباتية وهي كمال أول لجسم طبيعي آلي من جهة ما يتولد ويربو ويغتذي ، والحيوانية وهي كمال أول لجسم طبيعي آلي من جهة ما يدرك الجزئيات ويتحرك بالإرادة.
والإنسانية وهي كمال أول لجسم طبيعي آلي من جهة ما يفعل الأفعال الكائنة بالاختيار الفكري والاستنباط بالرأي ومن جهة ما يدرك الأمور الكلية.
وللنفس النباتية قوى ثلاث : غاذية ومنمية ومولدة. والنفس الحيوانية لها قوتان محركة ومدركة ، ولها شعبتان : شهوانية وغضبية. وأما النفس الإنسانية فهي عاملة وعالمة.