معنى موجود فإما قائم لا في موضوع ، أو قائم في موضوع. وكل ما هو قائم لا في موضوع فله وجود خاص لا يجب أن يكون به مضافا وإمكان الوجود إنما هو ما هو بالإضافة إلى ما هو إمكان وجود له ، فهو إذن معنى في موضوع وعارض لموضوع. ونحن نسميه قوة الوجود ، ونسمي حامل قوة الوجود الذي فيه قوة وجود الشيء موضوعا وهيولى ومادة وغير ذلك فإذن كل حادث فقد تقدمته المادة ، كما تقدمه الزمان.
المسألة الخامسة : في الكلي والواحد ، ولواحقهما.
قال : المعنى الكلي بما هو طبيعة ومعنى كالإنسان بما هو إنسان شيء ، وبما هو واحد أو كثير فيه ، وبما هو خاص أو عام شيء آخر. بل هذه المعاني عوارض تلزمه لا من حيث هو إنسان ، بل من حيث هو في الذهن أو في الخارج. وإذ قد عرفت ذلك ، فقد يقال كلي للإنسانية بلا شرط ، وهو بهذا الاعتبار موجود بالفعل في الأشياء ، وهو محمول على كل واحد ، لا على أنه واحد بالذات ، ولا على أنه كثير. وقد يقال كلي للإنسانية بشرط أنها مقولة على كثيرين ، وهو بهذا الاعتبار ليس موجودا بالفعل في الأشياء. فبين ظاهر أن الإنسان إذا اكتنفته الأعراض المشخصة لم تكتنفه أعراض شخص آخر حتى يكون ذلك بعينه في شخص زيد وعمرو ، فلا كلي عام في الوجود ، بل الكلي العام بالفعل إنما هو في العقل ، وهو الصورة التي في العقل كنقش واحد تنطبق عليه صورة وصورة. ثم الواحد يقال لما هو غير منقسم من الجهة التي قيل له منها إنه واحد. ومنه ما لا ينقسم في الجنس. ومنه ما لا ينقسم في النوع ، ومنه ما لا ينقسم بالعرض العام كالغراب والقار في السواد. ومنه ما لا ينقسم بالمناسبة كنسبة العقل إلى النفس. ومنه ما لا ينقسم في العدد. ومنه ما لا ينقسم في الحد (١). والواحد بالعدد ؛ إما أن يكون فيه كثرة
__________________
(١) أي حده ليس لغيره وليس له في كمال حقيقة ذاته نظير فهو واحد بالكلمة ، ولهذا يقال إن الشمس واحدة.