بالفعل فيكون واحدا بالتركيب والاجتماع. وإما أن لا يكون ولكن فيه كثرة بالقوة ، فيكون واحدا بالاتصال ، وإن لم يكن فيه ذلك فهو الواحد بالعدد على الإطلاق ، والكثير يكون على الإطلاق وهو العدد الذي بإزاء الواحد كما ذكرنا والكثير (١) بالإضافة هو الذي يترتب بإزائه القليل ، فأقل العدد اثنان. وأما لواحق الواحد : فالمشابهة وهي اتحاد في الكيفية والمساواة هي اتحاد في الكمية.
والمجانسة اتحاد في الجنس. والمشاكلة اتحاد في النوع. والموازاة اتحاد في وضع الأجزاء ، والمطابقة اتحاد في الأطراف ، والهو هو : حال بين اثنين ، جعلا اثنين في الوضع يصير بها بينهما اتحاد بنوع ما ، ويقابل كل واحد منها من باب الكثير الخلاف والتقابل والتضاد.
المسألة السادسة : في تعريف واجب الوجود بذاته ، وأنه لا يكون بذاته وبغيره معا ، وأنه لا كثرة في ذاته بوجه. وأنه خير محض. وحق محض. وأنه واحد من وجوه شتى ، ولا يجوز أن يكون اثنان ، واجبي الوجود ، وفي إثبات واجب الوجود بذاته.
قال : واجب (٢) الوجود معناه أنه ضروري الوجود ، وممكن الوجود معناه أنه
__________________
(١) أما الكثير على الإطلاق فهو العدد المقابل للواحد وهو ما وجد فيه واحد وليس بالواحد ، في الحد من جهة ما هو فيه ، أي يوجد واحد ليس هو وحده فيه ، وهذا مبدأ ، عنه نأخذ الحساب في البحث.
(٢) يرى من هذا تجانف ابن سينا مما ذهب إليه أرسطو في إثبات المحرك الأول أو الله إذ أن عمله مقتصر على التحريك كغاية ومعشوق لما رأى من تعاليم الدين من أن الله تعالى هو الخالق لكل شيء وأن ما في العالم من خلق إنما هو من صنعته وأثر من آثار قدرته. فذهب إلى أنه مما لا ريب فيه أن ثمت موجودا ، وهذا الموجود إما أن يكون وجوده من ذاته فيكون واجب الوجود أو من غيره ، فلا يكون واجبا بالضرورة ، وهو مع ذلك غير ممتنع ، لأن الممتنع لا يوجد فبقي أنه ممكن أي إنه مما لا يستحيل وجوده وعدمه. فالطرفان على سواء بالنسبة إليه ، وما استوى طرفاه لا يخرج إلى الوجود إلا بمرجح ، وهذا المرجح إما أن يكون وجوده من ذاته فيكون واجب الوجود ، أو من غيره فيكون ممكن الوجود وحينئذ يعود الكلام فيه ، فإما أن ينتهي إلى مرجح وهو واجب الوجود أو يتسلسل الأمر أو يدور ، والتسلسل والدوران كلاهما باطل ، فلم يبق إلا الانتهاء إلى مرجح واجب الوجود. فقد وجبت العقيدة بأنه من معنى الموجود اعتقاد وجود واجب الوجود وهو الله سبحانه وتعالى.