وتخريب بيت عجوز شر جزئي والعالم للنظام الكلي لا للجزئي ، فالشر إذن واقع في القدر بالعرض.
وقال : إن الهيولى قد لبست الصور على درجات ومراتب ، وإنما يكون لكل درجة ما تحتمله في نفسها دون أن يكون في الفيض الأعلى إمساك عن بعض وإفاضة على بعض. فالدرجة الأولى احتمالها على نحو أفضل ، دون ذلك. والذي عندنا من العناصر دون الجميع ، لأن كل ماهية من ماهيات هذه الأشياء إنما تحتمل ما تستطيع أن تلبس من الفيض على النحو الذي هيئت له ، ولذلك تقع العاهات والتشويهات في الأبدان. لما يلزم من ضرورة المادة الناقصة التي لا تقبل الصورة على كمالها الأول والثاني. قال : إن لم نجر الأمور على هذا المنهاج ألجأتنا الضرورة إلى أن نقع في محالات وقع فيها من قبلنا كالثنوية وغيرهم.
المسألة الحادية عشرة :
في كون الحركات سرمدية ، وأن الحوادث لم تزل (١).
قال : إن صدور الفعل عن الحق الأول إنما يتأخر لا بزمان ، بل بحسب الذات ، والفعل ليس مسبوقا بعدم ، بل هو مسبوق بذات الفاعل فقط. ولكن القدماء لما أرادوا أن يعبروا عن العلية افتقروا إلى ذكر القبلية. وكانت القبلية في اللفظ تتناول الزمان وكذلك في المعنى عند من لم يتدرب. فأوهمت عباراتهم أن فعل الأول الحق فعل زماني ، وأنّ تقدمه تقدم زماني. قال : ونحن أثبتنا أن الحركات تحتاج إلى محرك غير متحرك.
__________________
(١) ويذهب في هذا أن الحركة أو الصيرورة التي هي ظاهرة وجوده هي سرمدية قديمة مثله ، إلا أنه يعتقد أن هذه الحركة لا تحمل في ثنيتها علة وجودها ، لأن المشاهد أن هذه الحركة أثر لتلك العلة ، فلا يمكن أن ينتظم الأثر المؤثر ، ويحمله في ثنيته ، ولا يمكن أن يكون المؤثر جزءا من أثره ، فيجب إذن أن نبحث عن العلة الأولى لجميع المعلولات والحركات وهي العلة التي تؤثر ولا تتأثر وتخضع الحركات لناموسها ، ولا تخضع هي لتلك الحركات ، وهو المحرك الأول الذي لا يتغير ، ولا يتحرك والذي تنزه عن الزمان والمكان والصيرورة. والمحرك الأول هو واجب الوجود وهو الله عزوجل.