سواء كان التغير زمانيا ، أو كان تغيرا بأن ذاته تقبل من غيره أثرا وإن كان دائما في الزمان ، وإنما لا يجوز له أن يتغير كيفما كان ، لأن انتقاله إنما يكون إلى الشر لا إلى الخير ، لأن كل رتبة غير رتبته فهي دون رتبته ، وكل شيء يناله ويوصف به فهو دون نفسه. ولا يكون أيضا مناسبا للحركة ، خصوصا إن كانت بعدية زمانية. وهذا معنى قوله : إن التغير إلى الشيء الذي هو شر.
وقد ألزم على كلامه : أنه إذا كان الأول يعقل أبدا ذاته ، فإنه يتعب ويكل ويتغير ويتأثر. وأجاب ثامسطيوس عن هذا بأنه إنما لا يتعب لأنه يعقل ذاته ، وكما لا يتعب من أن يحب ذاته فإنه لا يتعب من أن يعقل ذاته.
قال أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا : ليست العلة أنه لذاته يعقل ، أو لذاته يحب بل لأنه ليس مضادا لشيء في الجوهر العاقل. فإن التعب هو أذى يعرض لسبب خروج عن الطبيعة ، وإنما يكون ذلك إذا كانت الحركات التي تتوالى مضادة لمطلوب الطبيعة. فأما الشيء الملائم واللذيذ المحض الذي ليس فيه منافاة بوجه ، فلم يجب أن يكون تكرره متعبا.
المسألة الخامسة :
في أن واجب الوجود حي بذاته ، باق بذاته (١). أي كامل في أن يكون بالفعل مدركا لكل شيء ، نافذ الأمر في كل شيء.
وقال : إن الحياة التي عندنا يقترن بها من إدراك خسيس ، وتحريك خسيس ، وأما هناك فالمشار إليه بلفظ الحياة هو كون العقل التام بالفعل الذي يتعقل من ذاته
__________________
(١) يقول أرسطو : وهي حياة ، أي حي بذاته ، أي كامل في أن يكون بالفعل مدركا لكل شيء نافذ الأمر في كل شيء ، فإن الحياة التي عندنا إنما تسمى حياة لما يقترن بها من إدراك خسيس وتحريك خسيس ، وأما هناك فالمشار إليه لفظ الحياة هو كون العقل التام بالفعل وذلك هو العقل ، وخصوصا العقل الذي من ذاته يتعقل كل شيء من ذاته ، ثم قال : فإذن هو حياة وبصر متصل أزلي ، أي حي بذاته ، باق بذاته ، فإن هذا هو الإله. (المصدر السابق).