وجوده ، ويكون جوهره في نفسه وفي قوامه ، وفي طباعه أن يقبل معقولات الأشياء من الأشياء ، فيكون في طباعه ما هو بالقوة من حيث يكمل بما هو خارج عنه ، حتى يقال : لو لا ما هو خارج عنه لم يكن له ذلك المعنى ، وكان فيه عدمها ، فيكون الذي له في طباع نفسه ، وباعتبار نفسه من غير إضافة إلى غيره أن يكون عادما للمعقولات ، ومن شأنه أن يكون له ذلك ، فيكون باعتبار نفسه مخالطا للإمكان والقوة ، وإذا فرضنا أنه لم يزل ولا يزال موجودا بالفعل ، فيجب أن يكون له من ذاته الأمر الأكمل الأفضل لا من غيره.
قال : وإذا عقل ذاته عقل ما يلزمها لذاتها بالفعل ، وعقل كونه مبدأ ، وعقل كل ما يصدر عنه على ترتيب الصدور عنه ، وإلا فلم يعقل ذاته بكنهها. قال : وإن كان ليس يعقل بالفعل. فما الشيء الكريم الذي له وهو الكون الناقص كماله؟ فيكون حاله كحال النائم ، وإن كان يعقل الأشياء من الأشياء فتكون الأشياء متقدمة عليه بتقدم ما يقبله ذاته ، وإن كان يعقل الأشياء من ذاته فهو المرام والمطلب ، وقد يعبر عن هذا الغرض بعبارة أخرى تؤدي قريبا من هذا المعنى ، فيقول : إن كان جوهره العقل وأن يعقل ، فإما أن يعقل ذاته ، أو غيره ، فإن كان يعقل شيئا آخر فما هو في حد ذاته غير مضاف إلى ما يعقله؟ وهل لهذا المعتبر بنفسه فضل وجلال مناسب لأن يعقل ، بأن يكون بعض الأحوال أن يعقل له أفضل من أن لا يعقل؟ أو بأن لا يعقل يكون له أفضل من أن يعقل؟ فإنه لا يمكن القسم الآخر : وهو أن يكون يعقل الشيء الآخر أفضل من الذي له في ذاته ، من حيث هو في ذاته ، شيء يلزمه أن يعقل ، فيكون فضله وكماله بغيره. وهذا محال.
المسألة الرابعة :
في أن واجب الوجود لا يعتريه تغير وتأثر من غيره ، بأن يبدع أو يعقل ، قال : الباري تعالى عظيم الرتبة (١) جدا غير محتاج إلى غيره ، ولا متغير بسبب من غيره ،
__________________
(١) انظر كتاب الإنصاف شرح كتاب اللام لابن سينا.