١٠ ـ حكم بقراط (١)
بقراط واضع الطب الذي قال بفضله الأوائل والأواخر ، وكان أكثر حكمته في الطب وشهرته به ، فبلغ خبره إلى بهمن بن اسفنديار بن كشتاسب ، فكتب إلى فيلاطس ملك قوه، وهو بلد من بلاد اليونانيين ؛ يأمر بتوجيه بقراط إليه ، وأمر له بقناطير من الذهب فأبى ذلك ، وتأبى عن الخروج إليه ضنا بوطنه وقومه ، وكان لا يأخذ على المعالجة أجرة من الفقراء وأوساط الناس ، وقد شرط أن يأخذ من الأغنياء أحد ثلاثة أشياء : طوقا ، أو إكليلا ، أو سوارا من ذهب.
فمن حكمه أن قال : استهينوا بالموت فإن مرارته في خوفه.
وقيل له : أي العيش خير؟ قال : الأمن مع الفقر خير من الغنى مع الخوف.
وقال : الحيطان والبروج لا تحفظ المدن ، ولكن تحفظها آراء الرجال وتدبير الحكماء.
وقال : يداوى كل عليل بعقاقير أرضه ، فإن الطبيعة متطلعة إلى هوائها ، ونازعة إلى غذائها (٢).
ولما حضرته الوفاة قال : خذوا جامع العلم مني : من كثر نومه ، ولانت طبيعته ، ونديت جلدته طال عمره.
وقال : الإقلال من الضار خير من الإكثار من النافع.
وقال : لو خلق الإنسان من طبيعة واحدة لما مرض ، لأنه لم يكن هناك شيء يضادها فيمرض.
__________________
(١) بقراط : ولد في جزيرة كوس اليونانية نحو ٤٦٠ ق. م. وهو أشهر الأطباء الأقدمين ، جعل للأمراض مصدرين : الهواء والغذاء. دعاه أرتحششتا لمعالجة الوباء المتفشي في بلاده فأبى أن يخدم أعداء وطنه. نقلت بعض مصنفاته إلى العربية ومنها : «تقدمة المعرفة» و «طبيعة الإنسان» ومن كتبه أيضا «كتاب الأجنة» و «كتاب الأهوية والمياه والبلدان» وقد توفي سنة ٣٧٧ ق. م. (عيون الأنباء ص ٢٤).
(٢) وفي «الكلم الروحانية» : ليداو كل مريض بعقاقير أرضه ، فإن الطبيعة تتطلع لهوائها. وتنزع إلى غذائها ، وقال : غذاء الطبيعة من أنجع أدويتها.