له : لم قلت خف موت النفس ، والنفس الناطقة عندك لا تموت؟ فقال : إذا انتقلت النفس الناطقة من حد النطق إلى حد البهيمية ـ وإن كان جوهرها لا يبطل ـ فقد ماتت من العيش العقلي.
وقال : أعط الحق من نفسك ، فإن الحق يخصمك إن لم تعطه حقه.
وقال : محبة المال وتد الشر ، لأن سائر الآفات تتعلق بها. ومحبة الشهوات وتد العيوب ، لأن سائر العيوب متعلقة بها.
وقال : أحسن مجاورة النعم فتنعم بها ، ولا تسيء بها فتسيء بك.
وقال : إذا أدركت الدنيا الهارب منها جرحته ، وإذا أدركها الطالب لها قتلته.
وقيل له ، وكان لا يقتني إلا قوت يومه : إن الملك يبغضك ، فقال : وهل يحب الملك من هو أغنى منه؟.
وسئل : بأي شيء يخالف الناس في هذا الزمان البهائم؟ قال : بالشرور.
قال : وما رأينا العقل قط إلا خادما للجهل. وفي رواية للسجزي : إلا خادما للجدّ ، والفرق بينهما ظاهر. ـ فإن الطبيعة ولوازمها إذا كانت مستولية على العقل استخدمه الجهل ، وإذا كان ما قسم للإنسان من الخير والشر فوق تدبيره العقلي : كان الجد مستخدما للعقل ، ويعظم جد الإنسان ما يعقل ، وليس يعظم العقل ما يجد ، ولهذا خيف على صاحب الجد ما لم يخف على صاحب العقل. والجد أصم أخرس ، لا يفقه ، ولا ينقه. وإنما هو ريح تهب وبرق يلمع ، ونار تلوح ، وصحو يعرض ، وحلم يمتع ، وهذا اللفظ أولى فإنه عمم الحكم فقال : ما رأينا العقل قط ، وقد يعرض للعقل أن يرى ولا يستخدمه الجهل ، وذلك هو الأكثر.
وقال زينون : في الجرادة خلقة سبعة جبابرة : رأسها رأس فرس ، وعنقها عنق ثور ، وصدرها صدر أسد ، وجناحاها جناحا نسر ، ورجلاها رجلا جمل ، وبطنها بطن عقرب ، وذنبها ذنب حية. هكذا ذكره زينون.