٧ ـ رأي أفلاطون الإلهي (١)
أفلاطون بن أرسطن بن أرسطوقليس من أثينية ، وهو آخر المتقدمين الأوائل الأساطين، معروف بالتوحيد والحكمة. ولد في زمان أردشير بن دارا في سنة ست عشرة من ملكه. وفي سنة ست وعشرين من ملكه كان حدثا متعلما يتلمذ لسقراط. ولما اغتيل سقراط بالسم ومات قام مقامه ، وجلس على كرسيه.
وقد أخذ العلم من سقراط ، وطيماوس ، والغريبين : غريب أثينية ، وغريب الناطس وضم إليه العلوم الطبيعية والرياضية (٢).
وحكى عنه قوم ممن شاهده وتلمذ له مثل أرسطوطاليس ، وطيماوس ، وثاوفرسطيس(٣) أنه قال : إن للعالم محدثا مبدعا ، أزليا (٤) ، واجبا بذاته. عالما
__________________
(١) ولد أفلاطون في أثينا عام ٤٢٧ ق. م. وثقف ثقافة تنسجم وأصله الكريم. وعند ما بلغ العشرين من عمره اتصل بسقراط ولزمه مدة ثماني عشرة سنة. وعند ما أدرك سقراط الأجل راح أفلاطون يضرب في الآفاق من كريت إلى جنوبي إيطاليا إلى صقلية فمصر. وفي عام ٣٨٧ ق. م. عاد إلى أثينا ، وأنشأ على أبوابها أكاديميته الشهيرة التي أمّها طلاب المعرفة من كل صوب ، وراح يعلم الحكمة ويعدّ رجالا يستطيعون أن يديروا شئون المدينة وفاقا لمقتضيات العقل.
وقد ترك أفلاطون التعليم مرتين وسافر إلى سيراكوزا عله يطبق فيها آراءه السياسية وينشئ دولة تخضع لسلطان الفلسفة. ولكنه عاد في كل مرة بالإخفاق والفشل. وتوفي سنة ٣٤٨ ق. م.
(٢) لقد أخذ أفلاطون عن فلاسفة عديدين ، وخاصة بعد موت سقراط وقد رحل إلى القيروان وتعلم فيها العلوم الهندسية على تيودورس ، وتوجه إلى إيطاليا ليسمع الفيثاغوريين ، وأزمع الرحيل إلى مصر ليتلقى عن علمائها وحكمائها ، وكان معتزما الذهاب إلى الهند ليأخذ عن حكمائها ، لو لا حروب في آسيا. (انظر ترجمة مشاهير الفلاسفة ص ٩٦).
(٣) ثاوفرسطيس : هو ابن أخ أرسطوطاليس ، وفي الفهرست لابن النديم أنه ابن أخته ، وفي تاريخ الفلسفة أنه صديقه ، هذا وقد كان أحد تلاميذه الآخذين الحكمة عنه ، وله تصانيف جليلة منها : كتاب الآثار العلوية ، وكتاب النفس ، وكتاب الأدب. (أخبار العلماء ص ٧٥ وانظر الفهرست لابن النديم ص ٣٥٣).
(٤) فإله أفلاطون هو الصانع الذي أبدع نظام هذا الكون ، فقد كانت المادة تتحرك حركة مشوهة مضطربة على غير نظام ، فنظمها الصانع ورتبها. وأبدع العالم من لا نظام إلى نظام فوق هذا العالم المحسوس عالم آخر هو عالم الصور المجردة. وإن الإنسانية مثلا هي إحدى هذه الصور ، وهي خالدة لا تتبدل ولا تتغير ، أما الإنسان الذي نراه ونشير إليه فهو في كل يوم على حال.