تفسير ، ولا تأويل ، وهي الطّائفة المنصورة ، والفرقة النّاجية ، فهم أصحاب الحديث والأثر ، والوالد تابعهم. هم خلفاء الرسول ، وورثه حكمته ، بهم يلحق التّالي ، وإليهم يرجع الغالي. وهم الّذين نبذهم أهل البدع والضّلال أنّهم مشبّهة جهّال (١).
فاعتقد الوالد وسلفه أنّ إثبات الصّفات إنّما هو إثبات وجود ، لا إثبات تحديد وكيفيّة ، وأنّها صفات لا تشبه صفات البريّة ، ولا يدرك حقيقة علمها بالفكر والرّويّة (٢).
فالحنبليّة لا يقولون في الصّفات بتعطيل المعطّلة ، ولا بتشبيه المشبّهين ، ولا بتأويل المتأوّلين. بل مذهبهم حقّ بين باطلين ، وهدى بين ضلالتين. إثبات الأسماء والصّفات ، مع نفي التّشبيه والأدوات (٣) ، على أنّ الله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (٤).
وقد قال الوالد في أخبار الصّفات والمذهب في ذلك قبول هذه الأحاديث على ما جاءت به ، غير عدول عنه إلى تأويل يخالف ظاهرها ، مع الاعتقاد بأنّ الله سبحانه بخلاف كلّ شيء سواه. وكلّ ما يقع في الخواطر من تشبيه أو تكييف ، فالله يتعالى عن ذلك. والله ليس كمثله شيء ، لا يوصف بصفات المخلوقين الدّالّة على حدثهم ، ولا يجوز عليه ما يجوز عليهم من التّغيير ، ليس بجسم ، ولا جوهر ، ولا عرض ، وإنّه لم يزل ولا يزال (٥) ، وصفاته لا تشبه صفات المخلوقين (٦).
قلت : لم يكن للقاضي أبي يعلى خبرة بعلل الحديث ولا برجاله ، فاحتجّ بأحاديث كثيرة واهية في الأصول والفروع لعدم بصره بالأسانيد والرجال.
__________________
(١) طبقات الحنابلة ٢ / ٢٠٧ ، ٢٠٨.
(٢) طبقات الحنابلة ٢ / ٢٠٨.
(٣) طبقات الحنابلة ٢ / ٢٠٩.
(٤) سورة الشورى ، الآية : ١١.
(٥) زاد بعدها : «وأنّه الّذي لا يتصوّر في الأوهام».
(٦) طبقات الحنابلة ٢ / ٢١٠ ، ٢١١.