أحرزها الوالدان خوفا |
|
والقبر حرز لها حريز |
يجوز أن تبطئ (١) المنايا |
|
والخلد في الدّهر لا يجوز (٢) |
ثمّ تأوّه مرّات وتلا : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) (٣).
ثمّ صاح وبكى (٤) بكاء شديدا ، وطرح وجهه على الأرض زمانا ، ثمّ رفع رأسه ، ومسح وجهه وقال : سبحان من تكلّم بهذا في القدم ، سبحان من هذا كلامه.
فصبرت ساعة ، ثمّ سلّمت عليه ، فردّ وقال : متى أتيت؟
فقلت : السّاعة. ثمّ قلت : يا سيّدي ، أرى في وجهك أثر غيظ.
فقال : لا يا أبا الفتح ، بل أنشدت شيئا من كلام المخلوق ، وتلوت شيئا من كلام الخالق ، فلحقني ما ترى.
فتحقّقت صحّة دينه ، وقوّة يقينه (٥).
وبالإسناد إلى السّلفيّ : سمعت أبا بكر التّبريزيّ اللّغويّ يقول : أفضل من رأيته ممّن قرأت عليه أبو العلاء. وسمعت أبا المكارم (٦) بأبهر ، وكان من أفراد الزّمان ، ثقة مالكيّ المذهب ، قال : لمّا توفّي أبو العلاء اجتمع على قبره ثمانون
__________________
(١) في «سير أعلام النبلاء» : «تخطئ».
(٢) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢ ، تعريف القدماء بأبي العلاء ١٩٩.
(٣) سورة هود ، الآيات ١٠٣ ـ ١٠٥.
(٤) في الأصل : «وبكا».
(٥) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢ ، ٣٣.
(٦) هو عبد الوارث بن عبد المنعم الأبهري ، أديب فاضل ، قرأ على أبي العلاء. لم تذكره السيدة بهيجة الحسني في شيوخ «السلفي» في مقدّمتها لكتاب «معجم السفر» ، بل ذكرت أن السلفي سمع بأبهر من : أبي سعيد عبد الرحمن بن ملكان. (انظر ج ١ / ٣١) وقد تقدّم قبل قليل في هذه الترجمة أن أبا المكارم هو : عبد الوارث بن محمد الأسدي رئيس أبهر وسيعيد المؤلّف ـ رحمهالله ـ ذكره بعد قليل في هذه الترجمة باسم «عبد الوارث بن محمد الأبهري».