الوارث بن محمد الأسديّ رئيس أبهر : أنشدنا أبو العلاء بن سليمان لنفسه قطعة ليس لأحد مثلها :
رغبت إلى الدّنيا زمانا فلم تجد |
|
بغير عناء والحياة بلاغ |
وألقى (١) ابنه الرأس (٢) الكريم وبنته |
|
لديّ فعندي راحة ، وفراغ |
وزاد فساد النّاس في كلّ بلدة |
|
أحاديث ميت (٣) تفترى وتصاغ |
ومن شرّ ما أسرجت في الصّبح |
|
والدّجى كميت (٤) لها بالشاربين مراغ (٥) |
ولمّا مات أوصى أن يكتب على قبره :
هذا جناه أبي عليّ |
|
وما جنيت على أحد |
الفلاسفة يقولون : إيجاد الولد وإخراجه إلى هذا العالم جناية عليه ، لأنّه يعرّض إلى الحوادث والآفات (٦).
والّذي يظهر أنّ الرجل مات متحيّرا ، لم يجزم بدين من الأديان ، نسأل الله تعالى أن يحفظ علينا إيماننا بكرمه.
أنبأتنا فاطمة بنت عليّ ، أنا فرقد بن ظافر ، أنا أبو طاهر بن سلفة قال : من عجيب رأي أبي العلاء تركه تناول كلّ مأكول لا تنبته الأرض شفقة بزعمه على الحيوان ، حتّى نسب إلى التّبرهم ، وأنّه يرى رأي البراهمة (٧) في إثبات الصّانع ،
__________________
= ترجمته ومصادرها في كتابنا : «موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي» ٨ / ٦٣ ـ ٦٦ رقم ٧٦١ ، ومعجم شيوخ الذهبي ١ / ٣٧٦ ، ٣٧٧ رقم ٥٤٣).
(١) في الأصل : «وألفى» بالفاء.
(٢) في «سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٤ «اليأس».
(٣) المين : الكذب.
(٤) الكميت من أسماء الخمر التي فيها حمرة وسواد.
(٥) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٤ ، ٣٥.
(٦) وفيات الأعيان ١ / ١١٥.
(٧) البراهمة : طائفة دينية موطنها الهند ، تنتسب إلى إبراهيم. والبراهمة هم طبقة الكهنة والحكماء والفلاسفة أعلى المراتب في الديانة الهندوكية ويمثّلون طبقة اجتماعية وراثية خاصة. وقد =