وفيها أمر النّصارى بأن يحملوا في أعناقهم الصّلبان ، وأن يكون طول الصّليب ذراعا ، ووزنه خمسة أرطال بالمصريّ.
وأمر اليهود أن يحملوا في أعناقهم قرامي الخشب في زنة الصّلبان ، وأن يلبسوا العمائم السّود ولا يكتروا من مسلم بهيمة ، وأن يدخلوا الحمّام بالصّلبان. ثمّ أفردت لهم حمّامات (١).
__________________
= منه في النيل ، وبعث شاهدين إلى الجيزة فأخذ جميع ما على الكروم من الأعناب وطرحت تحت أرجل البقر لدوسه ، وبعث بذلك إلى عدّة جهات. وتتّبع من يبيع العنب ، واشتدّ الأمر فيه بحيث لم يستطع أحد بيعه ، فاتّفق أن شيخا حمل خمرا له على حمار وهرب ، فصدفه الحاكم عند قائلة النهار على جسر ضيّق ، فقال له : من أين أقبلت؟ قال : من أرض الله الضيّقة. فقال : يا شيخ ، أرض الله ضيّقة؟ فقال : لو لم تكن ضيّقة ما جمعتني وإيّاك على هذا الجسر ، فضحك منه وتركه».
وانظر : (الدّرّة المضيّة ٢٧٥).
(١) قال الأنطاكي في تاريخه ـ ص ٢٩٥ : «وتقدّم الحاكم لثمان خلون من شهر ربيع الآخر في يوم الجمعة سنة ثلاث وأربعمائة أن تلبس النصارى واليهود دون الخيابرة طيالسة سود حالكة وعمائم سود ، ويعلّقون في أعناقهم صلبان خشب مضافا إلى الزّنّار وألّا يركبوا الخيل ، ويركبوا بركب خشب وسروج ولجم من سيور سود ، لا يرى عليها شيء من الحلية ، وأثر فضّة ، ولا يستخدموا مسلما ، فأخذوا بذلك في سائر أعمال مملكته ، ولبسوا صلبانا طولها فتر ، وغيّرها عليهم بعد شهر ، وجعلها قدر شبر في شبر.
... ومن العجب العجيب أنه كان قد أمر في صفر سنة اثنتين (!) وأربعمائة ألّا يظهر صليب ، ولا يقع عليه عين ، ولا يضرب بناقوس ، فنزعت الصلبان من الكنائس وطمس آثارها من ظاهر البيع والكنائس والهياكل. ثم أمر في هذا الوقت بإظهار الصليب هذا الظهور ، ولم يكن اليهود لبسوا مع الغيار السواد شيئا من الخشب ، فنودي فيهم في الحال ، أن يعلّقوا في رقابهم أيضا أكر خشب من خمسة أرطال إشارة إلى رأس العجل الّذي عبدوه سالفا. وتهدّد النصارى وفزّعهم ، وكثرت الأراجيف والشناعات فيهم ، فأسلم كثير من شيوخ الكتّاب والمتصرّفين وغيرهم من النصارى ، وتبعهم خلق كثير من عوامّهم ، وأسلم أيضا جماعة من اليهود ، وتزايدت الأراجيف فيمن بقي من النصارى لم يسلم ، ونودي عليهم بأن تقطّع أعضاؤه ، ويباح للعبيد والأولياء ماله وعياله. وأوقع الطلب والتوكّل على من يغيب ...».
وقال المقريزي : «وأمر النصارى ـ إلّا الحبابرة ـ بلبس العمائم السود والطيالسة السود ، وأن يعلّق النصارى في أعناقهم صلبان الخشب ، ويكون ركب سروجهم من خشب ، ولا يركب أحد منهم خيلا. وأنهم يركبون البغال والحمير ، وألّا يركبوا السروج واللّجم محلّاة ، وأن تكون سروجهم ولجمهم بسيور سود ، وأنهم يشدّون الزنانير على أوساطهم ، ولا يستعملون مسلما ، ولا يشترون عبدا ولا أمة ، وأذن للناس في البحث عنهم وتتبّع آثارهم في ذلك ...». (اتّعاظ الحنفا ٢ / ٩٣ ، ٩٤).
وانظر : الدرّة المضيّة ٢٨٦.