وفي العام أمر بهدم الكنيسة المعروفة بقمامة ، وبهدم جميع كنائس مصر ، فأسلم طائفة منهم (١).
ثمّ إنّه نهى عن تقبيل الأرض له ، وعند الدّعاء له في الخطبة ، وفي الكتب ، وجعل عوض ذلك السّلام عليه (٢).
[إنكار ابن باديس على الحاكم بأمر الله]
وقيل إنّ ابن باديس أرسل ينكر عليه أمورا ، فأراد استمالته ، فأظهر التّفقّه ، وحمل في كمّه الدّفاتر ، وطلب إليه فقيهين ، وأمرهما بتدريس مذهب مالك في الجامع.
ثمّ بدا له فقتلهما صبرا.
وأذن للنّصارى الّذين أكرههم في الرّجوع إلى الشّرك (٣).
__________________
(١) انظر : تاريخ الأنطاكي ٢٩٦ ـ ٢٩٩ ، وتاريخ الزمان ٧٦ ، ٧٧ ، ووفيات الأعيان ٥ / ٢٩٤ ، واتّعاظ الحنفا ٢ / ٩٤ ، ٩٥ ، والمواعظ والاعتبار ٢ / ٢٨٨ ، وبدائع الزهور ج ١ ق ١ / ١٩٨.
(٢) قال الأنطاكي في تاريخه ـ ص ٣٠٠ : «ومنع الحاكم في رجب سنة ٤٠٣ عن تقبيل التراب بين يديه وبوس اليد والارتماء بالسجود له إلى الأرض ، وعن مخاطبته بمولانا ، وأن تكون المخاطبة والسلام عليه مقصورا على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته».
وقال المقريزي : «وفي رجب قرئ سجلّ بمنع الناس من تقبيل الأرض للحاكم ، وبمنعهم من تقبيل ركابه ويده عند السلام عليه في المواكب ، والانتهاء عن التخلّق بأخلاق أهل الشرك من الانحناء إلى الأرض فإنه صنيع الروم ، وأمروا أن يكون السلام عليه (السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته) ، ونهوا عن الصلاة عليه في المكاتبة والمخاطبة ، وأن تكون مكاتبتهم في رقاعهم والمخاطبة ، ومراسلاتهم بإنهاء الحال ، ويقتصر في الدعاء على (سلام الله وتحياته وتوالي بركاته على أمير المؤمنين) ، ويدعى له بما سبق من الدعاء لا غير». (اتّعاظ الحنفا ٢ / ٩٦).
وانظر : وفيات الأعيان ٥ / ٢٩٤.
(٣) وكان ذلك في سنة ٤١١ ه. أي بعد تسع سنين من إكراههم على الإسلام ، قال الأنطاكي : «ولما تسامح الحاكم بعمارة الكنائس وتجديدها وردّ أوقافها لقيه جماعة من النصارى الذين كانوا أسلموا في وقت الاضطهاد وطرحوا أنفسهم عليه بين يديه وهم مسترسلون للموت ، وقالوا له : إنّ الّذي دخلنا فيه من التظاهر بدين الإسلام لم يكن باختيارنا ولا برغبة منّا ، فنحن نسأل أن تأمرنا بالعود إلى ديننا إن رأيت ذلك ، أو تأمر بقتلنا ، فأمرهم للوقت بلباس الزنانير ولباس السواد وحمل الصلبان ، وكان كلّ منهم قد أعدّ عدّة غيار ثيابه ، وتقدّم إلى أصحاب الشرطة بحفظهم وكفّ كل أحد عن التعرّض لهم ، فكثر الراغبون إليه في ذلك حتى صاروا يلقونه أفواجا أفواجا ، وكان يطلق ذلك لهم ، فعاد منهم عدد كثير ، وتوقفت الرؤساء والصدور منهم عن الرجوع إلى ديانتهم حذرا على نفوسهم من أن يكون إجابة الحاكم لمن فسح له في=