وقيل إنّ الوزير ابن حنزابة كان يستعمل له الكاغذ بسمرقند ، ويحمل إلى مصر في كل سنة ، وكان عنده عدّة نسّاخ.
وقال عبد الله بن يوسف : حضرت عند أبى الحسين بن المهلّبيّ بالقاهرة ، فقال : كنت منذ أيام حاضرا في دار الوزير أبى الفرج بن كلّس ، فدخل عليه أبو العبّاس بن الوزير أبى الفضل بن حنزابة ، وكان قد زوّجه ابنته ، وأكرمه وأجلّه ، وقال له : يا أبا العبّاس ، يا سيّدي ، ما أنا بأجلّ من أبيك ، ولا بأفضل ، أتدري ما أقعد أباك خلف الناس ، شيل أنفه بأبيه ، يا أبا العباس لا تشل أنفك بأبيك (١) ، تدري ما الإقبال؟ نشاط وتواضع ، وتدري ما الإدبار؟
كسل وترافع (٢).
وقال غيره : كان الوزير أبو الفضل يفطر وينام نومة ثم ينهض في الليل لمتوضّئه ، ويدخل بيت مصلّاه ، فيصفّ قدميه إلى الغداة ، ولما توفّى صلّى عليه في داره الحسين بن على بن النّعمان القاضي ، وحضر جنازته قائد القوّاد وسائر الأكابر ، ودفن في مجلس بداره الكبير (٣) ، المعروفة بدار العامّة (٤).
قال المختار المسبّحي : إنّه لما غسّل ، جعل فيه ثلاث شعرات من شعر النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، كان ابتاعها بمال عظيم ، وكانت عنده في درج ذهب ، مختومة الأطراف بالمسك ، ووصّى بأن تجعل في فيه ، ففعل ذلك (٥).
وحنزابة : جارية ، هي أمّ والده الفضل. والحنزابة ، في اللّغة : القصيرة الغليظة.
__________________
= أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين ، قال عمر : لا تفعل ، فإنّي كنت أردت الّذي أردت ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعطيني العطاء ، فأقول : أعطه أفقر إليه منّى ، حتى أعطانى مرة مالا ، فقلت : أعطه أفقر إليه منّى ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «خذه فتموّله وتصدّق به ، فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل ، فخذ ، وإلّا فلا تتبعه نفسك». وأخرجه النسائي ٥ / ١٠٤ ، ١٠٥ ، وأحمد في المسند ١ / ١٧.
(١) لا تهشل أنفك : أي لا تتكبّر وتشمخ بأنفك.
(٢) انظر نحوه في (معجم الأدباء) ٧ / ١٧٣ ، ١٧٤.
(٣) في الأصل «الكبير».
(٤) معجم الأدباء ٧ / ١٦٩ ، ١٧٠ ، وفيات الأعيان ١ / ٣٤٩ ، ٣٥٠.
(٥) فوات الوفيات ١ / ٢٩٣.