قال الخطيب : هذا باطل ، والحمل فيه على ابن بطّة.
قلت : يعنى أنّه يحدّث عن البغوي ، وتفرّد به ابن بطّة ، فيجوز أن يكون غلط فيه ، وقفز من سند إلى متن آخر ، لقلّة إتقانه ، لا أنّه تعمّد وضعه.
قال الخطيب : وأنا العتيقى ، نا ابن بطّة ، والبغوي ، نا مصعب ، نا مالك بن هشام بن عروة ، قد ذكر حديث «قبض العلم (١)». قال الخطيب : وهو باطل بهذا الإسناد.
قلت : والكلام في هذا ، كالكلام في الّذي قبله ، لعلّه دخل على ابن بطّة حديث في حديث.
وقال الخطيب : حدّثنى عبد الواحد بن على ، قال : قال لي الحسن بن شهاب : سألت ابن بطّة : أسمعت من البغوي حديث عليّ بن الجعد؟ فقال : لا. قال عبد الواحد : وكنت قد رأيت في كتب ابن بطّة نسخة بحديث عليّ بن الجعد قد حكّها ، وكتب بخطّه سماعه فيها ، فذكرت ذلك للحسن بن شهاب ، فعجب منه. قال عبد الواحد : وروى ابن بطّة ، عن النّجّاد ، عن أحمد بن عبد الجبّار العطاردي ، فأنكر عليه عليّ بن ينال ، وأساء القول فيه ، حتى همّت العامّة بأن تنال [منه] (٢) ، فاختفى. وكان ابن بطّة قد خرّج تلك الأحاديث في تصانيفه فتتبّعها وضرب على أكثرها.
__________________
= يحيى بن صالح الوحاظى ، عن محمد بن عبد الملك ، عن نافع ، عن ابن عمر. (معجم الشيوخ لابن جميع الصيداوي ـ بتحقيقنا ـ ص ١٧٧ رقم ١٢٥ وبلفظ : «طلب العلم واجب على كل مسلم» من طريق بقيّة بن الوليد ، عن جرير بن حازم ، عن الزبير بن الخرّيت ، عن أنس بن مالك. ـ ص ٣٥٩ رقم ٣٤٥ ـ طبعة مؤسسة الرسالة ، بيروت ١٩٨٥ و ١٩٨٧) ورواه البيهقي في الشعب وابن الجوزي في العلل ١ / ٦٢ ، والقاضي القضاعي في مسندة ١ / ١٣٥ رقم ١٢٠ ، وللحديث شواهد كثيرة. انظر : فيض القدير ٤ / ٢٦٧.
(١) حديث قبض العلم روى من طرق وبألفاظ مختلفة ، فيها «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ، ولكن يقبضه بقبض العلماء ، فإذا لم يبق عالما اتّخذ الناس رؤساء جهّالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا». أخرجه الشيخان ، والإمام أحمد ، والترمذي ، وابن ماجة ، عن عمرو بن العاص. أخرجه الترمذي في العلم ، باب ما جاء في ذهاب العلم (٢٦٥٤) ، والبخاري في العلم ، باب كيف يقبض العلم ، وفي الاعتصام باب ما يذكر من ذم الرأى وتكلّف القياس ١ / ١٧٤ و ١٧٥ ، ومسلم في العلم ، باب رفع العلم وقبضه (٢٦٧٣) ، والطبراني في المعجم الصغير ١ / ١٦٥ ، وابن جميع الصيداوي ٢٠٠ رقم ١٥٦.
(٢) إضافة على الأصل.