فحق على كل عاقل لبيب وفرض أن يقول : أفي الله شك فاطر السماوات والأرض في الدرر والغرر عن علي (ع) «من عرف نفسه فقد عرف ربه»
فليعتبر حاله نطفة في الرحم وصيرورته جنينا حيث لا تراه عين ولا تناله يد مع اشتماله على جميع ما فيه قوامه وصلاحه من الاحشاء والجوارح وسائر الاعضاء وهو محجوب في ظلمات ثلاث ظلمة البطن وظلمة المشيمة وظلمة الرحم ولا حيلة له ولغيره في طلب غذائه ودفع أذاه فيجرى إليه من دم الحيض ما يكون له غذاء فلا يزال غذاؤه حتى إذا كمل خلقه واستحكم بدنه وقوى جلده على مباشرة الهواء وبصره على ملاقاة الضياء هاج الطلق بأمه فأزعجه اشد ازعاج حتى يولد فاذا ولد صرف ذلك الدم الذي كان يغذوه في الرحم الى ثدى أمه وانقلب طعمه ولونه الى ضرب آخر من الغذاء فاذا جاع حرك شفتيه والهم التقام ثدي أمه الّذي خلق على ذلك الشكل الغريب والطرز العجيب وجعل ينضح كلما مصه ولو جرى لاختنق الصبي وجعل متعددا ليكون واحدا طعاما والآخر شرابا فلا يزال يتغذى باللبن ما دام رطب البدن رقيق الامعاء لين الاعضاء حتى إذا قوى واحتاج الى غذاء فيه صلابة طلعت له الطواحن من الاسنان والاضراس ليمضغ بها الطعام فيلين عليه وتسهل له اساغته فلا يزال كذلك حتى يدرك ، وتأمل في كيفية تدبير البدن ووضع هذه الاعضاء وتلك الأوعية وفكر في أعضاء البدن وتدبيرها للامور فاليدان للعلاج والرجلان للسعى والعينان للاهتداء والفم للاغتذاء واللسان للتكلم والحنجرة لتقطيع الصوت وتحصيل الحروف والمعدة للهضم والكبد للتخليص والمنافذ لتنفيذ الفضول والأوعية لحملها والفرج لا قامة النسل فتبارك الله احسن الخالقين (أو لم يكف بربك أنه على كل شيء قدير) وأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها وسنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق الى غير ذلك من الآيات التكوينية والتدوينية التي تسوق الناس الى الفطرة وازالة الموانع عنها.