وفي سلخ ذي القعدة عزل قاضي القضاة أبو الحسن محمد بن أمّ شيبان ، وولّي أبو محمد بن معروف (١).
* * *
وفي هذه السنين وبعدها كان الرفض يغلي ويفور بمصر والشام ، والمغرب ، والمشرق لا سيما العبيدية الباطنية ، قاتلهم الله.
قال مشرف بن مرجّا القدسي ، أخبرنا الشيخ أبو بكر محمد بن الحسن قال : حدّثني الشيخ الصالح أبو القاسم الواسطي قال : كنت مجاورا ببيت المقدس ، فأمروا في أول رمضان بقطع التراويح ، فصحت أنا وعبد الله الخادم : وا إسلاماه ووا محمّداه ، فأخذني الأعوان وحبست ، ثم جاء الكتاب من مصر بقطع لساني فقطع ، فبعد أسبوع رأيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم تفل في فمي ، فانتبهت ببرد ريق رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد زال عنّي الألم ، فتوضّأت وصلّيت وعمدت إلى المئذنة فأذّنت «الصلاة خير من النوم» ، فأخذوني وحبست وقيّدت ، وكتبوا فيّ إلى مصر ، فورد الكتاب بقطع لساني ، وبضربي خمسمائة سوط ، وبصلبي ، ففعل بي ، فرأيت لساني على البلاط مثل الرّيّة ، وكان البرد والجليد ، وصلّيت واشتدّ عليّ الجليد ، فبعد ثلاثة أيام عهدي بالحدّائين يقولون : نعرّف الوالي أنّ هذا قد مات ، فأتوه ، وكان الوالي جيش بن الصمصامة (٢) فقال : أنزلوه ، فألقوني على باب داود ، فقوم يترحّمون عليّ وآخرون يلعنوني ، فلما كان بعد العشاء جاءني أربعة فحملوني على نعش ومضوا بي ليغسّلوني في دار ، فوجدوني حيّا ، فكانوا يصلحون لي جريرة بلوز وسكّر أسبوعا.
ثم رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم في المنام ومعه أصحابه العشرة فقال : يا أبا بكر ترى ما قد جرى على صاحبك قال : يا رسول الله فما أصنع به؟ قال : اتفل في فيه ، فتفل في فيّ ، ومسح النبيّ صلىاللهعليهوسلم صدري ، فزال عنّي الألم ، وانتبهت
__________________
(١) تكملة تاريخ الطبري ١ / ٢٢١ ، المنتظم ٧ / ٧٦.
(٢) في الأصل : «حبيش بن ضمضام» والتصحيح من : الكامل لابن الأثير ٨ / ٦٤٢ وأمراء دمشق ـ ص ٢٥ رقم ٨٤.