فَزُعِمَ أَن الأسد تأَمَّر فمَلك كُلَّ شىءٍ من دَواب الوَحش ، فلما مَلكها سَمِعْن وأَطعن ، إِلا الضَّبَ ، أَرسل إِليه فأَبى ؛ قال من يَأْتينى به وله الحُكْم ؛ قال الثَّعْلَبُ : أنا بخِدْعى ، قالت الضَّبُعُ: وأَنا بِحيلتى ؛ قال : فاذْهبا فأْتيانى بهِ. فلما خَرجا ، قال الثَّعلبُ للضَّبُع : حِيلَتك يا ضَبُعُ ؛ قالت : حِيلتى أَن تَضربَنى وتغْصِبنى تَمْرتى ؛ قالت : فأُخاصمك إِلى الضَّبِ. قال : فَفَعَل ذلك بها ، فأَقبلت ، والضَّبُ مُنبطِحٌ على سَنَد شَجرته ، فلما دَنَوْا منه وخافَا أَن يَنْجحر ، قالا : يا أَبا حسْل ، إِنَّا نَختصم إِليك فانْتَظرنا ، فانْجَحَر فى جُحره ، فقال : فى بَيتهُ يؤْتَى الحَكمُ. فأَزَفا إِلى بابه ، فقال : قِصَّتَك يا ضَبُعُ؟ قالت : كانت لى تَمرةٌ ؛ قال : حُلوًا جَنيْتِ. قالت : فاخْتلَسها الثَّعلبُ ، فلطمتُه فَلطمنى ؛ قال : حُرٌّ انْتَصر. فرجَعا فلم يُغنيا شيئا.
وكان الضَّبُ إِذا وَلَد يُحذِّر ولدَه الإِنسانَ ، فيقول : احذَر الحَرْشَ يَا بُنىَّ قال : فَبَينَما هو ذات يومٍ فى قَلْعة هو وابنُه ، إِذ وجدَ الإِنسانُ أَثَر الضَّبِ فى القَلْعة ، قال : فأَخذ الإِنسانُ مِرْدَاةً ففَلَق (١) القَلَعةَ رَدْيًا ، فقال :
يا أَبت ، الحَرْشُ هذا؟ قال : يا بُنىَّ ، هذا أَجلُّ من الحَرْش ، فأَذهبها مَثلاً.
وقال : إِذا ضَربوا مَثلاً للذَّليلِ : ما صاروا لهم إِلا مِثل المَراغة ، أَو كعَرْفجةِ الضَّبِ التى تُتذلَّل.
وقال : الحَرَّاشُ (٢) : الأَسودُ السالخ ، وإِنما سُمِّىَ : الحَرَّاشَ ، لأَنه يَحْرِشُ الضِّباب.
وقال : قد أَحْرَشَ الضَّبُّ ، وهو أَن يَدْنُوَ ويَضربَ بذَنبهِ ويَفِحَّ.
وقال : كَعَابِيرُ ذَنب الضبِّ : العُقَدُ التى فيه.
وقال : ذَنَبٌ عُجَارِدٌ ؛ أَى : غَلِيظ.
وقال : شَبَكَةُ الضِّباب ، وهى أَن تَكُونَ فى مَكان جماعةٌ.
__________________
(١) الأصل : «فعلق» بالعين المهملة ، تصحيف. (وانظر اللسان : حرش).
(٢) وقيده صاحب القاموس تنظير «ككتان».