المضموم ما قبلها ، ثم الياء الساكنه المكسور ما قبلها ، جاعلين لهذه الحروف الثلاثة المخرج الأول من مخارج سبعة عشر ، ومنهم من جعلوا المخارج ستة عشر ، مسقطين منها المخرج الأول ، وهو مخرج الحروف الجوفيه ، جاعلين مخرج الألف من أقصى الحلق ، والواو من مخرج المتحركه ، وكذلك الياء.
وبعد المخرج الأول يأْتى المخرج الثانى ، وهو أقصى الحلق ، وهو للهمزه والهاء ، والاثنان على مرتبة واحدة ، وقيل : الهمزة أول.
ثم المخرج الثالث ، وهو وسط الحلق ، وهو للعين والحاء المهملتين ، على اختلاف فى ترتيبهما ، فيقول مكى : إن العين قبل الحاء ، ويقول شريح : إن الحاء قبل.
ثم يسوقون بعد هذا سائر المخارج ، ومع كل مخرج حروفه.
وإذ كان حرف العين على رأْس هذه الحروف كلها بعدا فى الحلق بدأَ به الخليل ، وجعل كل حرف كتابا ، فكان العين أَول كتاب من هذا المعجم ، وغلب اسمه على المعجم ، فسمى كتاب العين. ولم تقف فكرة الخليل عند هذا ، بل كان له بعد هذه الخطوة خطوات ، فجعل كل كتاب يتدرج من الثنائى إِلى الخماسى ، ثم عدا ذلك إِلى مواضع الحرف من الكلمة تنقلا ، وتغير بنية الكلمة بتغير تنقل الحرف.
ولم يكن عمل الخليل بعيدا ببيئته وعصره عن أَبى عمرو ، فلقد عاش الخليل بالبصرة فيما بين سنتى مائة وبين خمس وستين ومائة ، وهذا العمل الضخم ـ أَعنى كتاب العين ـ لا شك صك مسامع أَبى عمرو وملأَ عليه فكره ، ولقد رأَينا صاحب أَول كتاب سمى بالجيم ، وهو النضر فيما يبدو ، ممن عنوا بكتاب العين ، إِذ كان تلميذا للخليل ، وله كتابه المدخل إِلى كتاب العين ، نعنى أَن كتاب العين كان له أَثره فى تحريك النضر إِلى الأَخذ فى كتاب جديد له نهج جديد ، يحكى شيئا نهج الخليل فى كتاب العين ، وإِذ كان الخليل أَخضع الحروف لترتيب فما يضير النضر من أَن يخضعها لترتيب آخر ، يراه أَوفق وأَيسر ، ويبدو أَن اختيار النضر للجيم أَساسا كان من نظرته للحروف من حيث الجهر والهمس ، والحروف المجهورة ـ وهى ما ينحصر