بأمور الخلافة ، كانوا يسعون ـ وفقا للسياسة آنذاك ـ ألّا يشتهر هؤلاء الأقلية بهذا الاسم ، وألّا ينقسم المجتمع إلى أقلية وأكثرية ، فكانوا يعتبرون الخلافة إجماعا ، ويطلق على المعارض لها ، متخلفا عن البيعة ، ومتخلفا عن جماعة المسلمين ، وأحيانا كان يوصف بصفات بذيئة أخرى (١).
وفي الحقيقة ، أن الشيعة قد حكم عليها بالتخلف عن الجماعة منذ الأيام الأولى ، ولم تستطع أن تكسب شيئا منذ أن أبدت معارضتها ، والإمام علي عليهالسلام لم يعلنها ثورة وحربا ، رعاية لمصلحة الإسلام والمسلمين ، ولفقدانه للأنصار بالقدر المطلوب ، إلا أن هؤلاء المعارضين لم يستسلموا للأكثرية من حيث العقيدة ، وكانوا يرون أن الخلافة والمرجعية العلمية هي حق مطلق للإمام علي عليهالسلام (٢) فكان رجوعهم في القضايا العلمية والمعنوية إليه وحده ، وكانوا يدعون إلى هذا الأمر (٣).
__________________
(١) قال عمر بن حريث لسعد بن زيد ... قال : فخالف عليه أحد؟ قال : لا ، إلّا مرتد أو من قد كاد أن يرتدّ. تاريخ الطبري ج ٢ : ٤٤٧.
(٢) قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إني قد تركت فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي ، أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، إلا أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. وقد روى هذا الحديث أكثر من ١٠٠ طريق عن ٣٥ شخصا من صحابة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم. يراجع العبقات مجلد الثقلين ـ غاية المرام صفحة ٢١١.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد العلم فليأتها من قبل بابها. البداية والنهاية ج ٧ : ٣٥٩.
(٣) تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ١٠٥ ـ ١٥٠.