ولكن الذي حدث هو غير ما كانوا يتوقعونه ، ففي الوقت الذي التحق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالرفيق الأعلى ، ولم يغسل جسده الطاهر ، ولم يدفن بعد ، وحينما كان أهل البيت وعدد من الصحابة منصرفين إلى العزاء ، وإجراء المقدمات اللازمة له ، إذ وصلهم نبأ انصراف جماعة قليلة لتعيين الخليفة بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذه القلة التي غلبت الكثرة ، قد بادرت بهذا الأمر عجالة ، دون استشارة أهل البيت ، وأقرباء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعشيرته وصحابته الذين وجدوا أنفسهم أمام أمر واقع (١) ، وبعد أن فرغ الإمام علي عليهالسلام ، ومن معه من الصحابة (كابن عباس والزبير وسلمان وأبي ذر والمقداد وعمّار) من دفن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أعلموا بالذي حدث ، فرفعوا علم المعارضة ، وانتقدوا القائمين بهذا الأمر ، وأبدوا اعتراضهم للخلافة الانتخابية ، بإقامتهم جلسات متعددة ، والجواب الذي سمعوه هو أن صلاح المسلمين كان في الذي حدث (٢).
فهذا الانتقاد والاعتراض أدّى إلى انفصال الأقلية عن الأكثريّة ، واشتهر أصحاب الإمام علي عليهالسلام باسم «شيعة علي»! فالقائمون
__________________
ـ تاريخ الطبري ج ٢ : ٤٣٦ / صحيح البخاري ج ٣ / صحيح مسلم ج ٥.
البداية والنهاية ج ٥ : ٢٢٧ / ابن أبي الحديد ج ١ : ١٣٣.
وقد تكررت مثل هذه الحادثة في مرض موت الخليفة الأول ، وقد أوصى بخلافة عمر ، وأغمي عليه في أثناء وصيته ، فلم يعترض عمر على الأمر ، وثم ينسب إليه الهذيان ، في حين أنه أغمي عليه في أثناء الوصية ، علما بأن النبي (ص) معصوم ، ولم يفقد وعيه حتى آخر لحظة من لحظات حياته. روضة الصفا ج ٢ : ٢٦٠.
(١) شرح ابن أبي الحديد ج ١ : ٥٨ و ١٢٣ ـ ١٣٥ ـ تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ١٠٢ ـ تاريخ الطبري ج ٢ : ٤٤٥ ـ ٤٦٠.
(٢) تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ١٠ ـ ١٠٦ / تاريخ أبي الفداء ج ١ : ١٥٦ و ١٦٦.
مروج الذهب ج ٢ : ٣٠٧ و ٣٥٢ / ابن أبي الحديد ج ١ : ١٧ و ١٣٤.