الثواب والعقاب أيضا ، لما فعل الله وتصرفا فيما هو حقه لم يتوجه سؤال لميته كما لا يقال لم خلق الإحراق عقيب مس النار ، وأن التكليف والبعثة والتهديد والوعيد والوعد ، ونحو ذلك ، قد يكون دواعي إلى الفعل أو الترك فيخلقه الله تعالى ، وأن عدم افتراق الفعلين في المخلوقية لله تعالى لا ينافي افتراقهما بوجوه أخر.
الثاني : ـ أن كثيرا من أفعال العباد قبيحة كالظلم والشرك والفسق والقول باتخاذ الولد ونحو ذلك ، والقبيح لا يخلقه الحكيم لعلمه بقبحه ، وعلمه بغناه عن خلقه (١).
ورد بعد تسليم الحسن والقبح العقليين بأن خلق القبيح ، ربما تكون (٢) له عاقبة (٣) حميدة ، فلا يقبح بخلاف فعله. وما يقال إنه لا معنى لفاعل القبيح لا موجده (٤) ومحدثه ليس بشيء.
فإن الظالم من اتصف بالظلم لا من أوجده في محل آخر.
الثالث : أن فعل العبد في وجوب الوقوع وامتناعه تابع لقصد العبد وداعيته وجودا وعدما ، وكل ما هو كذلك لا يكون بخلق الخير وإيجاده. أما الصغرى فللقطع بأن من اشتد جوعه وعطشه ووجد الطعام والماء بلا صارف ، يأكل ويشرب البتة ، ومن علم أن دخول النار محرق ، ولم يكن له داع إلى دخولها لا يدخلها البتة.
وأما الكبرى فلأن ما يكون بإيجاد الغير لا يكون في الوجوب والامتناع تابعا لإرادة العبد لجواز أن لا يوجده عند إرادته أو يوجده عند كراهيته ، ولك أن تنظم القياس هكذا : لو كان فعل العبد بإيجاد الله تعالى لم يكن تابعا لإرادة العبد وجوبا وامتناعا ، لكن اللازم باطل وهكذا لو كان فعل العبد تابعا لإرادته لم يكن بإيجاد الله تعالى ، لكن الملزوم حق.
والجواب : أن ما ذكر في بيان الصغرى لا يفيد الوجوب والامتناع بل
__________________
(١) في (أ) بفناه بدلا من (بغناه).
(٢) في (ب) لا بدلا من (ربما).
(٣) سقط من (ب) لفظ (له).
(٤) في (ب) بزيادة أداة الاستثناء (إلا).