البعض ، ولكان
رؤيته إما مع رؤية شيء آخر مما في الجنة فيكون على جهة منه ضرورة.
إن رؤية الشيئين
دفعة لا تعقل إلا كذلك ، وإما لا معها فيكون ما هو باطن في الدارين مرئيا وما هو
ظاهر غير مرئي مع شرائط الرؤية ، وحديث غلبة شعاع أحد المرئيين إنما يصح في
الأجسام.
والجواب : أن لزوم
المقابلة والجهة ممنوع ، وإنما الرؤية نوع من الإدراك يخلقه الله تعالى متى شاء ،
ولأي شيء شاء ، ودعوى الضرورة فما نازع فيه احم الغفير من العقلاء غير مسموع.
ولو سلم في الشاهد
، فلا يلزم في الغائب لأن الرؤيتين مختلفتان ، إما بالماهية ، وإما بالهوية لا
محالة ، فيجوز اختلافهما في الشروط واللوازم ، وهذا هو المراد بالرؤية بلا كيف
بمعنى خلوها عن الشرائط ، والكيفيات المعتبرة في رؤية الأجسام والأعراض ، لا بمعنى
خلو الرؤية أو الرائي أو المرئي عن جميع الحالات والصفات على ما يفهمه أرباب
الجهالات ، فيعترضون بأن الرؤية فعل من أفعال العبد ، أو كسب من أكسابه فبالضرورة
يكون واقعا بصفة من الصفات ، وكذا المرئي بحاسة العين ، لا بد أن يكون
له كيفية من الكيفيات. نعم يتوجه أن يقال : نزاعنا إنما هو في هذا النوع من الرؤية
، لا في الرؤية المخالفة لها بالحقيقة المسماة عندكم بالانكشاف التام ، وعندنا
بالعلم الضروري.
__________________