وجوابه على ما (١) مرّ في بحث الوجود. غاية الأمر أن الاعتراض يرد على الأشعري التزاما ما دام كلامه محمولا على ظاهره. وأما بعد تحقيق أن الوجود هو كون الشيء له هوية فاشتراكه ضروري.
الثاني : أنه يلزم على ما ذكرتم صحة رؤية كل موجود حتى الأصوات والطعوم والروائح والاعتقادات ، والقدر والإرادات ، وأنواع الإدراكات وغير ذلك من لموجودات وبطلانه ضروري.
والجواب : منع بطلانه وأن ما لا يتعلق بها الرؤية بناء على جري العادة بأن الله تعالى لا يخلق فينا رؤيتها لا بناء على امتناع ذلك ، وما ذكره الخصم مجرد استبعاد.
الثالث : أن (٢) نقض الدليل بصحة المخلوقية ، فإنها مشتركة بين الجوهر والعرض ولا مشترك بينهما يصلح علة لذلك سوى الوجود فيلزم صحة مخلوقية الواجب وهو محال.
والجواب : أنها أمر اعتباري محض لا يقتضي علة. إذ ليست مما يتحقق عند الوجود وينتفي عند العدم كصحة الرؤية. سلمنا لكن الحدوث يصلح هاهنا علة. لأن المانع من ذلك في صحة الرؤية ، إنما هو امتناع تعلق الرؤية بما لا تحقق له في الخارج ، وأما النقض بصحة الملموسة فقوي ، والإنصاف أن ضعف هذا الدليل جلي ، وعلى ما ذكرنا من أن المراد بالعلة هاهنا متعلق الرؤية يكون المرئي من (٣) كل شيء وجوده.
وقال الإمام الرازي في نهاية العقول من أصحابنا من التزم أن المرئي هو الوجود فقط ، وأنا لا نبصر اختلاف المختلفات بل نعلمه بالضرورة ، وهذا مكابرة لا نرتضيها ، بل الوجود علة لصحة كون الحقيقة المخصوصة مرئية.
__________________
(١) في (ب) بزيادة لفظ (على).
(٢) في (ب) بزيادة حرف (أن).
(٣) في (ب) المرمي بدلا من (المرئي).