فصل
[علي عليهالسلام مالك يوم الدين]
اعترض معترض من أهل التقليد ، وممّن هو عن إدراك التحقيق بعيد ، فقال : إذا قلنا مالك يوم الدين علي ، وحاكم يوم الدين علي ، يلزم أن يكون الرحمن الرحيم أيضا عليا ، فقلت له :
ليس الأمر كما ذهب إليه وهمك ، وقصر عن إدراكه فهمك ، لإنّا لا ندّعي أن عليا مالك يوم الدين من هذه الآية ، لأنا إذا قلنا : الحمد لله ربّ العالمين فإنّا نشهد أن جميع المحامد بجوامع الكلم من كل مادح وحامد ، فإنّها لله ربّ العالمين يستحقها ويستوجبها الرحمن الرحيم ، ويجري عليها عدلا وقسطا ، مالك يوم الدين الذي طوق بإحسانه أهل سماواته وأرضه ، أخرجهم بلطفه من كتم العدم ، وأفاض عليهم من سحائب كرمه فوائض النعم ، ووسعهم بجوده وعفوه ومنّه ، فهو مالك يوم الدين الذي كل شيء ملكه ومملوكه ، فله الملك للعباد ، والعدل في المعاد ، لكنّه يملك من أراد ، وإن تقطّعت أكباد ذوي العناد.
وإذا قلنا إياك نعبد وإيّاك نستعين نقرّ بأن الموصوف بهذه الصفات هو المعبود الحق. فنقول : هناك (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) نسأل بعد الحمد لواجب الوجود ، ومفيض الكرم والجود ، أن يهدينا إلى حب علي لأنه الصراط المستقيم (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) ، وهم آل محمد صلىاللهعليهوآله الذين لأجلهم خلق الكون والمكان (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) ، وهم (أي المغضوب عليهم) أعداؤهم الذين يبدّل الله صورهم عند الموت ، (وَلَا الضَّالِّينَ) وهم شيعة أعدائهم.
فصل
لمّا رأينا الله سبحانه قد أدخل نبيّه ووليّه في صفاته ، وخصّ محمدا وعليا بعظيم آياته ، فقال في وصف نبيّه الكريم : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ