غير إن البغدادي في كتاب «الفرق بين الفرق» خصص للباطنية فصلا كاملا طويلا مفصلا وهو الفصل السابع عشر من الباب الرابع الخاص بالفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه (ط. بدر ص ٢٦٥ ـ ٢٩٩ ، ط. الكوثري ص ١٦٩ / ١٨٨ ، ط. عبد الحميد ص ٢٨١ ـ ٣١٢) كما ورد أيضا في (مختصر الفرق) فصل كامل للباطنية وهو الفصل السابع عشر والاخير من الباب الرابع للكتاب (انظر مختصر الفرق ص ١٧٠ ـ ١٨٠).
ونفهم قول البغدادي في هذه المخطوطة : «لم نذكر الباطنية منهم ...» وذلك عند ما نجده يقول في كتاب «الفرق» في مستهل الفصل الذي عقده للباطنية ـ اي الفصل السابع عشر من الباب الرابع : «اعلموا ـ اسعدكم الله ـ ان ضرر الباطنية على فرق المسلمين اعظم من ضرر اليهود والنصارى والمجوس عليهم ، بل اعظم من مضرّة الدهرية وسائر اصناف الكفرة عليهم ، بل اعظم من ضرر الدجّال الذي يظهر في آخر الزمان ، لأن الذين ضلّوا عن الدين بدعوة الباطنية من وقت ظهور دعوتهم الى يومنا اكثر من الذين يضلون بالدجال في وقت ظهوره ، لان فتنة الدجّال لا تزيد مدتها على اربعين يوما ، وفضائح الباطنية اكثر من عدد الرمل والقطر.» (بدر ص ٢٦٥ ، الكوثري ص ١٦٩ ؛ عبد الحميد ص ٢٨٢).
فلما كان البغدادي لم يميز في هذه المخطوطة بين الفرق المنتمية الى الاسلام والفرق التي ليست منه ، اكتفى في تنويهه الى الباطنية بما ذكره عنهم في آخر كلامه عن الكرامية ـ حيث جاء كلامه مقتضبا للغاية.
اما في كتاب «الفرق» فانه خصص بابا مستقلا فيه سبعة عشر فصلا للفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه ، لذلك توسع بقدر المستطاع في كلامه عن الباطنية.
وهنا نلاحظ أيضا ان كتاب «الملل والنحل» اسبق عهدا من كتاب «الفرق» وكان بمثابة محاولة اولى لعرض مواقف الفرق المختلفة.