ثيابه على كتفه وصاح : ويلكم ، عليّ به.
وقال : دخلت عليه أمّ موسى القهرمانة ، وكانت كبيرة المحلّ ، فخاطبته في طلب مال ، فقال لها : اضرطي والتقطي ، واحسبي لا تغلطي. فخجّلها. وبلغ المقتدر فضحك وكان شابّا لعّابا ، فأمر بقيناته فغنّين بذلك (١).
وجرت لحامد فصول ، وتجلّد على الضّرب ، ثم أحدر إلى واسط فسمّ في الطّريق في بيض نيمرشت ، فتلف بالإسهال في رمضان سنة إحدى عشرة وثلاثمائة.
وذكر الصّوليّ أنّ أصل حامد من خراسان ، ولم يزل يتقلّد الأعمال الجليلة من طساسيج (٢) السّواد ، يتصرّف مع العمال حتّى ضمن الخراج والضّياع بالبصرة وكور دجلة مع الأشراف بكسكر وغيرها سنين ، في دولة ابن الفرات. فكان يعمّر ويربح ويحسن إلى الأكّارين ويرفع المؤن حتّى صار لهم كالأب. وكثرت صدقاته.
وقيل : إنّه وزر وقد علت سنّه ، ثمّ تحدّث الأمراء بما في حامد من الحدّة وقلّة الخبرة بأمور الوزارة ، فعاتب المقتدر أبا القاسم بن الحواري ، وكان أشار به.
ونقل ابن النّجّار أنّ حامدا أضيف إليه في الأمور عليّ بن عيسى.
قال الصّوليّ : فجلس عليّ بن عيسى في دار سليمان بن وهب وفعل كما يفعل الوزراء. واشتغل حامد بمصادرة ابن الفرات. وقد وقعت بينه وبين ابن عيسى مشاجرات ومناظرات في الأموال ، فقيل :
أعجب من كلّ ما تراه |
|
إنّ وزيرين في بلاد |
هذا سواد بلا وزير |
|
وذا وزير بلا سواد |
واستخرج حامد من المحسّن ولد أبي الحسن بن الفرات ألف ألف دينار ،
__________________
(١) تقدّم هذا الخبر في الحوادث ولم أجد رواية المسعودي في : مروج الذهب ، وغيره.
(٢) طساسيج : مفردها : طسّوج ، وهو اسم يطلق على الناحية في بلاد فارس ، مثل : الكورة في بلاد الشام.